تاريخ النشر: 12/02/2025

بعد أكثر من أربع سنوات من السجن التعسفي، أُفرج عن طالبة الدكتوراه السعوديّة سلمى الشهاب بتاريخ 10 فبراير 2025. فقد سُجنت الشهاب ظلمًا بسبب نشاطها السلمي عبر الإنترنت، حيثُ كانت تُدافع عن حقوق المرأة في السعوديّة.  وبينما هي الآن خارج القضبان ويمكنها الاجتماع مجددًا بطفليها الصغيرين، يتعيّن على السلطات السعوديّة ضمان حريتها الكاملة، بما في ذلك حقها في السفر لإكمال دراستها للدكتوراه في جامعة ليدز في المملكة المتّحدة.

ويأتي الإفراج عنها بعد تخفيض حُكمها في سبتمبر 2024، من 27 عامًا إلى أربع سنوات مع أربع سنوات أخرى مُعلقة، وهي المدة التي انتهت في ديسمبر 2024. هذا وقد جاءت هذه التطورات بعد حملة مُستدامة للإفراج عنها، في قضية حظيت باهتمام وإدانة عالميين كبيرين، وفيها وصف فريق عمل الأمم المتّحدة المعني بالاحتجاز التعسفي احتجازها بأنه تعسفي.

اعتُقلت الشهاب، البالغة من العمر 36 عامًا، وهي أخصائية في صحة الأسنان، في يناير 2021 أثناء إجازة عائلية في السعوديّة، قبل أيام قليلة من عودتها المُقررة إلى المملكة المتحدة، حيث كانت تُتابع دراستها. كما وخضعت لما يقرب من 10 أشهر من الحبس الانفرادي والاستجواب المطوّل قبل مثولها أمام المحكمة الجزائيّة المتخصّصة، وهي المحكمة السعوديّة التي تنظر في قضايا الإرهاب. وبعد محاكمة جائرة بشكلٍ صارخ، أُدينت الشهاب وحُكم عليها بتهم تتعلق بالإرهاب لمجرّد نشاطها السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك متابعة وإعادة نشر تغريدات على منصة X (تويتر سابقًا) لدعم الناشطات في مجال حقوق المرأة في السعوديّة.

وقد حُكم على الشهاب في بداية الأمر بالسجن لمدّة ست سنوات في مارس 2022، ثم ازدادت مدة عقوبتها بشكلٍ كبير عند الاستئناف في أغسطس 2022 إلى 34 عامًا، وهي واحدة من أطول الأحكام التي فُرضت على ناشط سلمي لممارسته حقّه في حرّيّة التعبير. وفي يناير 2023، خُفضت مُدّة عقوبتها إلى 27 عامًا، قبل أن يتم تخفيضها بشكلٍ أكبر في سبتمبر 2024، بعد تقديمها بشكلٍ غير متوقع لإعادة المحاكمة. ويرمز هذا التباين الكبير بين الأحكام الصادرة في مراحل مختلفة من القضيّة إلى الطبيعة التعسّفيّة وغير العادلة للنظام القضائي السعودي.

علاوةً على ذلك، وأثناء وجودها في السجن، وطوال فترة المحاكمة، تعرضت الشهاب لسلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الحبس الانفرادي، والقيود المفروضة على حقها في الاستعانة بمحامٍ، وتعريضها للخطر بوضعها إلى جانب نزلاء نُقلوا من مستشفى للأمراض النفسية. وقد تم تجاهل توسلاتها للمساعدة من هيئة حقوق الإنسان السعوديّة. كما تدهورت صحتها، وبدأت إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على احتجازها الظالم.

إلى جانب ذلك، أدى السجن فعليًا إلى فصل الشهاب عن طفليها الصغيرين وعرقلة مسيرتها الأكاديمية. بحيثُ أصرت سلطات السجن على أن الزيارات العائلية لا يُمكن أن تتم إلا باستخدام حاجز زجاجي، مما شكل تحديًا كبيرًا لطفليها، وكلاهما يعاني من طيف التوحد. ونتيجةً لذلك، اضطرت الشهاب إلى اتخاذ القرار المؤلم بالتخلي عن رؤية طفليها طوال فترة وجودها في السجن.

كما لا يزال معتقلي الرأي الآخرون الذين أُفرج عنهم في السعوديّة في السنوات الأخيرة يواجهون قيودًا شديدة، ولا سيما حظر السفر الذي يمنعهم من مغادرة البلاد، وفي كثير من الحالات، يُفرّق بين العائلات. على سبيل المثال، المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني، أُفرج عنه مؤخرًا من السجن، لكنه لا يزال خاضعًا لحظر سفر لمدة 10 سنوات، مما يمنعه بشدة من لم شمله بزوجته وأطفاله الخمسة في الولايات المتحدة. تُفرض مثل هذه المحظورات عادةً مسبقًا كجزء من الحكم القضائي على السجين، وعادةً ما تكون لنفس المدّة الإضافيّة لفترة السجن نفسها، لكن السلطات تفرض أيضًا حظر سفر "غير رسمي" دون أي إشعار.

وفي الوقت نفسه، وفي خضم حملة قمع شاملة على المعارضة السلميّة وحرّيّة التعبير في السعوديّة، لا يزال العديد من الأفراد محتجزين تعسفيًا داخل نظام السجون السعودي القاسي، ويقضون أحكامًا طويلة وغير عادلة، بما في ذلك بسبب التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت. ومن بين هؤلاء مدربة الرياضة مناهل العتيبي (المحكوم عليها بالسجن 11 عامًا)، وأم لخمسة أطفال نورة القحطاني (45 عاماً)، وعامل الهلال الأحمر عبدالرحمن السدحان (20 عامًا)، والطبيب ومدير ويكيبيديا أسامة خالد (32 عامًا).

وعليه، فإنّنا نكرّر دعوتنا للإفراج الفوري وغير المشروط عن سلمى الشهاب، ونحثّ السلطات السعوديّة على إعادة حقوقها الأساسيّة لها، والتي تشمل الحقّ في السفر بحرّيّة وإنهاء دراستها.

مشاركة المقال
المنظّمات غير الحكوميّة ترحّب بتخفيف عقوبة سلمى الشهاب، لكنها تواصل الدعوة إلى الإفراج غير المشروط عنها
نحنُ، المنظّمات الموقّعة أدناه، نرحّب بالقرار الأخير الصادر عن محكمة سعوديّة بتخفيض عقوبة السجن بحقّ معتقلة الرأي السعوديّة سلمى الشهاب من 27 عامًا إلى أربع سنوات، مع تعليق أربع سنوات إضافيّة.
الإفراج المشروط عن المدافعين الحقوقيّين محمد القحطاني وعيسى النخيفي
تم الإفراج المشروط عن المدافعين السعوديّين عن حقوق الإنسان محمد القحطاني وعيسى النخيفي هذا الأسبوع، بعد سنوات من السجن التعسّفي على أساس نشاطهما السلمي.
​​أعلى حصيلة إعدام سُجّلت في السعوديّة على الإطلاق: أكثر من 300 شخص أُعدموا حتى الآن في عام 2024
وصل استخدام السعوديّة المتزايد لعقوبة الإعدام إلى مستويات مروّعة في عام 2024، حيث تم إعدام ما لا يقلّ 306 شخصًا حتى 6 ديسمبر، وهو أعلى رقم معروف في التاريخ السعودي.