خلال الستة الأشهر الماضية وقبل قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في 21 و22 نوفمبر تنامى الضغط الدولي على السعودية لتطبق إصلاحات اجتماعية وحقوقية ملموسة، ومن ضمن هذه الضغوط أدارت القسط حملة سلطت الضوء على مختلف انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية التي ترتكبها السلطات السعودية، وقد عملنا بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية الصديقة على تعبئة الناس حول العالم لحث الجهات المشاركة في القمة على التركيز على موضوع حقوق الإنسان في كل نقاشات قمة مجموعة العشرين.
ظلت الأضواء الدولية مسلطة على وضع حقوق الإنسان في السعودية، ولذلك من المهم الآن أن يزداد الضغط على السلطات لتمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتتيح الإصلاحات البنيوية الحقيقية.
تعاون مع القسط في هذه الحملة أكثر من 220 منظمة مجتمع مدني من كل أرجاء العالم نادت لمقاطعة مجموعة المجتمع المدني لقمة العشرين، وعملت على تسليط الضوء على النفاق والمفارقة في أن تستضيف السلطات السعودية حواراتٍ تفاعلية حول دور المجتمع المدني وتمكين المرأة في حين نظام ولاية الرجل على المرأة قائم ويؤثر سلبًا بكل جوانب حياة النساء وقد قمعت السلطات كل محاولات بناء مجتمع مدني مستقل في البلاد.
وفرت القسط للنشطاء السعوديين منصة للتعبير عن شواغلهم في سياق قمة مجموعة العشرين وإيصال أصواتهم إلى العملية الرسمية لقمة مجموعة العشرين وإلحاقها بها عبر ورشة عمل ظل عقدت في 2 سبتمبر 2020، جمعت نشطاءً سعوديين وأعضاء للبرلمان الأوروبي لمناقشة موضوعيّ حقوق المرأة وحقوق الإنسان في السعودية، وأنتجت الورشة توصيات ملموسة نقلها أعضاء البرلمان الأوروبي إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي وانتشرت على نطاق واسع بين الجهات المشاركة في القمة وبين الدول الأعضاء.
وقد انسحب عدد من رؤساء بلديات مدينة لندن وباريس ونيويورك ولوس أنجلوس من قمة العشرين لرؤساء بلديات المدن التي عقدت افتراضيًّا في 2 أكتوبر، الموافق للذكرى السنوية لقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وذلك استجابةً للحملات التي قامت بها المنظمات غير الحكومية.
وبعدها بأيام صوت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة لخفض مستوى الحضور في قمة نوفمبر في السعودية على خلفية المخاوف حول حقوق الإنسان، ونادى البرلمان بفرض عقوبات، وقد وقع 65 عضو للبرلمان الأوروبي على عريضة نظمتها القسط تشديدًا على هذه النقطة.
وبالمثل طالب 45 عضوًا من أعضاء الكونغرس الأمريكي وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وإدارة ترمب بالانسحاب من قمة مجموعة العشرين، ونبهت مذكرة في البرلمان البريطاني بمخاوف شديدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سياق قمة مجموعة العشرين، ما أوصل رسالةً واضحة بأن السلطات السعودية لا يمكن أن تتصرف كأن شيئًا لم يكن.
وتزايدت الضغوط على مستوى الأمم المتحدة أيضًا، ببيان مشترك ثالث حول وضع حقوق الإنسان في السعودية، وقعته 33 دولة عضوة للأمم المتحدة تطالب بإصلاحات حقوقية ملموسة وبنيوية، وفشلت السعودية في محاولتها الحصول على ولاية أخرى في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، وهو مؤشر على أن المجتمع الدولي لم يعد يتسامح مع الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في السعودية.
ومن جهة أخرى، أطلق عدد من النشطاء والأكاديميين والمثقفين السعوديين ما سمي بالرؤية الشعبية للإصلاح، تطرح خارطة طريق واضحة للإصلاحات الاجتماعية والحقوقية الضرورية لتحسين نقاط قوة البلاد وقدراتها، وتقدم بديلًا جيدًا لرؤية 2030 المفروضة من الأعلى والتي لا تشتمل على عنصر إنساني أو اجتماعي للإصلاح.
كل هذه الأمور تبين أن المساعي الدعائية الضخمة والجهيدة للسلطات السعودية ومحاولاتها لتلميع صورتها لم تنفعها ولم تعد تقنع المجتمع الدولي، فقد اتخذت مختلف الجهات وعلى شتى المستويات الدولية موقفًا ناقدًا لهذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومطالبًا بالمحاسبة والإصلاح، فمن الضروري أن نبني الآن على المبادرات القائمة قبل قمة مجموعة العشرين، وأن نزيد الضغط على السلطات السعودية لكي تمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتتيح الإصلاحات البنيوية الملموسة.