في 16 فبراير 2023، أطلقت القسط تقريرها المتعمق عن الانتهاكات الحقوقية المرافقة لمشروع مدينة نيوم المستقبلية العملاقة في السعودية في حلقة نقاش شارك فيها خبراء في مجال حقوق الإنسان وحقوق العمال. وسيغطي المشروعُ، الذي أُعلن عنه في عام 2017 ويجري حاليا إنشاؤه، مساحةً تبلغ 26,500 كيلومتر مربع على طول البحر الأحمر في منطقة تبوك شمال غرب السعودية، ويشكل محور رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان في إطار برنامج تنموي اقتصادي. ويجري العمل مع المستثمرين والشركات والمستشارين والعمال الوافدين من جميع أنحاء العالم في إطار هذا المشروع الذي يؤثر بالفعل تأثيرا عميقا على المجتمعات المحلية. ويمكن الاطلاع على التقرير الكامل «الجانب المظلم من مشروع نيوم: مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم ومتابعتهم قضائيا هنا ومشاهدة حلقة النقاش كاملةً على تويتر هنا.
وأدارت حلقة النقاش جوليا ليغنر، المديرة التنفيذية للقسط، وشارك فيها المتحدثون الآتية أسماؤهم:
● لينا الهذلول (رئيسة قسم الرصد والمناصرة، منظمة القسط لحقوق الإنسان)؛
● جيمس لينش (المؤسس والمدير المشارك لمنظمة فيرسكوير)؛
● سارة ليا ويتسن (المديرة التنفيذية، منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي)؛
● إيزوبيل آرتشر (باحثة أولى في قسم حقوق العمال، مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان).
تحدثت لينا الهذلول عن نتائج التقرير التي اعتمدت بشكل كبير على شهادات مباشرة من الضحايا، وتناولت بالتفصيل التحديات المطروحة خلال جمع تلك الأدلة. ووصفت لينا سياسات التعويض غير الكافي التي اتبعتها السلطات السعودية عقب التهجير القسري للأهالي الذين ينتمي معظمهم إلى قبيلة الحويطات. وناقشت أيضا المحاكمات التي يخضع لها حاليا العشرات من أفراد القبيلة على خلفية معارضتهم السلمية، بتهم تشمل التواصل مع منظمات حقوق الإنسان وصحفيين. ونتيجةً لذلك، صدرت أحكام قاسية بالسجن على العديد منهم لمدد تصل إلى 50 عاما أو حتى بالإعدام.
ووصف جيمس لينش الإطار القانوني الغامض لمشروع نيوم وحالة عدم اليقين التي يُحدثها عند محاولة تقييم المخاطر التي تهدد حقوق الإنسان، ووضّح أن مئات آلاف العمال الوافدين سيوظَّفون خلال السنوات الثلاث المقبلة لبناء مدينة نيوم، وسيتعرضون بشدة لخطر الاستغلال وسوء المعاملة بسبب كلٍّ من القوانين وممارسات العمل في السعودية. ولا تنشر المملكة بيانات عن وفيات العمال، ولكن يمكن الحصول على بعض المعلومات عن طريق البلدان الأصلية للعمال. فعلى سبيل المثال، نتجت نسبة 58% من وفيات العمال المنحدرين من نيبال في السعودية عن حوادث العمل أو حالات الانتحار أو أسباب مجهولة لم يُحقَّق فيها. ولفت جيمس الانتباه إلى مسؤوليات الشركات العالمية التي تستفيد فعليا من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السعودية، وتساءل عن مدى قوة العناية الواجبة التي تُبذل بشأن حقوق الإنسان في بيئةٍ لا يُسمح فيها للأصوات المستقلة بتقديم تقييم موثوق للمخاطر.
وتَواصل النقاش مع سارة ليا ويتسن التي تطرقت إلى هدم المنازل وإجلاء السكان الذي وقع أيضا في جدة في إطار مشروع للتجديد الحضري أثّر في أكثر من مليون شخص. واعترضَت على رأي البعض القائل بأن التجاوزات التي تحدث أثناء بناء نيوم وإعادة تطوير أجزاء من جدة «شر لا بد منه» في سبيل القضية الأهم التي تُسمى الإصلاحات لمحمد بن سلمان. وهذا في الواقع ليس سببا وجيها للدفاع عن الجرائم المتعددة التي تحدث. وتطرقت سارة أيضا إلى الشركات المشاركة، أو التي قد تشارك مستقبلا، في بناء نيوم أو إعادة بناء جدة، ورأت أنه بإمكاننا أن ننجح في الحصول على تنازلات من تلك الشركات والتزامات بالإصلاح.
وناقشت إيزوبيل آرتشر المخاطر التي يواجهها العمال الوافدون الذين يشكلون أغلبية القوة العاملة في القطاع الخاص في جميع أنحاء السعودية ومنطقة الخليج ككل. ويتعرض العمال لمخاطر شديدة في كل مرحلة من المراحل، بدءًا من عملية التوظيف. ويتعين عليهم بشكل متكررٍ تحمل تكاليف مالية ضخمة، ويواجهون بشكل اعتيادي مشكلات متعلقة بسرقة الأجور وتأخرها والدفع الجزئي أو عدم الدفع كليا. وتشمل مخاطر الصحة والسلامة الشائعة الإجهاد الحراري وسوء الأحوال المعيشية والقيود المفروضة على حرية التعبير والتنقل. وقالت إيزوبيل إن استجابة الشركات العالمية لتلك الانتهاكات تكون في أحيان كثيرة بطيئة بشكل مخيب للآمال وتفتقر إلى الشفافية، مع وجود شركات لا تضع أصلا سياسات مكتوبة لحماية العمال الوافدين، ناهيك عن تنفيذها. وسيكون الاعتماد على هذا النقص في الوثائق خطأ فادحا ترتكبه الشركات المشاركة في مشروع نيوم.