بعنوان "انتكاسة جديدة" نشرت القسط تقريرها السنوي الجديد اليوم ليسلط الضوء على أهم التطورات الحقوقية في السعودية في عام 2022 ويوثقها ويناقشها.
مقدمة
شهدت حالة حقوق الإنسان تدهورا جديدا في عام 2022 بقمعها وازدرائها من السلطات السعودية. وتَواصل النمط المألوف للاعتقالات التعسفية وحالات الاختفاء القسري، وبدأت المحاكم السعودية، ابتداءً من منتصف العام بوجه خاص، بإصدار أحكام قاسية بالسجن على نحو غير مسبوق على خلفية النشاط السلمي والمشروع على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز مناخ الخوف في المملكة. وزاد استخدام عقوبة الإعدام زيادةً حادةً بعد هدوءٍ ساد خلال فترة كوفيد، بتنفيذ أكبر عملية إعدام جماعي في الآونة الأخيرة (81 رجلا في يومٍ واحدٍ)، وعادت للظهور بصورة كبيرة عملياتُ الإعدام على خلفية الجنايات غير العنيفة المتعلقة بالمخدرات.
وتَرافق هذا التصعيد للقمع الذي تمارسه السلطات مع إعادة التأهيل الدبلوماسي لولي عهد السعودية وحاكمها الفعلي محمد بن سلمان. فقد أعرض المجتمع الدولي عنه منذ عام 2018 بسبب دوره التوجيهي في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي المدعوم من الدولة.
وقد بدأ هذا الموقف يضعف في عام 2021 عندما أخفق الرئيس الأمريكي جو بايدن في الوفاء بتعهده بـ"إعادة ضبط" العلاقات الأمريكية السعودية. فأزمة الطاقة التي سببتها حرب روسيا في أوكرانيا في عام 2022 دفعت القادة الغربيين وغيرهم بعد ذلك إلى التخلي عما تبقى لديهم من وازع، والتوجه نحو السعودية للحصول على مزيدٍ من إمدادات النفط. وتحققت عودة محمد بن سلمان بنجاحٍ إلى الساحة الدولية، مع الإفلات من العقاب، بفضل الزيارات التي تمت إلى السعودية، بما فيها الاجتماعات التي عقدها معه رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق بوريس جونسون في مارس والرئيس بايدن في يوليو، متبوعةً باجتماع في باريس بين ولي العهد والرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون. وفي المقابل، يبدو أن هذا الأمر أجّج موجةً جديدةً من القمع الشديد في السعودية، وهو ما حذّرت سابقًا منه القسط ونشطاء آخرون ومنظمات حقوقية أخرى.
وعلى ضوء هذه التطورات، وفي الوضع العالمي الحالي الصعب، من المهم بمكان أن يتخذ المجتمع الدولي -السياسيون وكبار رجال الأعمال والمشاهير في عالم الرياضة والترفيه وعموم الناس- الآن وأكثر من أي وقت مضى إجراءات مبدئية حيثما أمكن للدفاع عن حقوق الإنسان ومقاومة الجهود التي تبذلها القيادة السعودية لتبييض سجلها المؤسف.