علمت القسط بعقد جديد أبرمَ مع شركة العلاقات العامة كورفيس كوميونيكيشنز التي تتخذ واشنطن مقرًا لها مدّته ثلاثة أشهر، لتوفير خدمات استشارة وعلاقات عامة لهيئة حقوق الإنسان التابعة للسلطات السعودية فيما يتعلق بقضايا الإتجار بالبشر، وذلك بوساطة جامعة سعودية، ما يدل مرة أخرى على إيلاء السلطات أولوية كبرى لتلميع سجلها الحقوقي بدلًا من تحسينه، وقد سبق أن أبرمت هيئة حقوق الإنسان عقدًا مدته سنة كاملة مع الشركة نفسها في 2020.
حصلت القسط على نسخة من العقد الجديد، وقيمته الأساسية 750,000$ وعليها رسوم أخرى للخدمات الإضافية، سجّل في 8 يونيو 2022 عند وزارة العدل الأمريكية تحت قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، والعقد وقعته في 23 مايو 2022 الدكتورة مشاعل بنت عويض المطيري، عميدة معهد التنمية والخدمات الاستشارية في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض، ومايكل بيتروزيلو، رئيس شركة كورفيس.
تأسست هيئة حقوق الإنسان السعودية في 2005 وهدفها المعلن هو "حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفقًا لمعايير حقوق الإنسان الدولية في جميع المجالات، ونشر الوعي بها والإسهام في ضمان تطبيق ذلك في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية". ويشير نصّها التنظيمي إلى أنّها "الجهة الحكومية المختصة بإبداء الرأي والمشورة فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان" وأنّ "لها الاستقلال التام في ممارسة مهامها المنصوص عليها"، غير أنّها "ترتبط ... مباشرة بالملك".
ولكن الواقع أن الهيئة تعمل كذراع في ماكنة العلاقات العامة التابعة للسلطات السعودية، فتروج صورة زهرية عن الوضع الحقوقي في البلاد على موقعها الإلكتروني، وتقحم رسالة السلطات وصوتها في الاجتماعات عالية المستوى داخليًّا وخارجيًّا، وخصوصًا في الغرب، لتشرعن انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وتشوه الحقائق.
وفيما يتعلق بإلغاء الممارسة الفظيعة للإتجار بالبشر، توجد مؤشرات على أنّ السلطات السعودية اتخذت خطوات جدّية للتصدي لها، إنما من نقطة بدء شبه صفرية، فوفق تقييم وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2020 المستند إلى منظمات مختصة بهذا المجال، صعدت السعودية من المستوى 3 (الأسوأ) إلى المستوى 2. وقد عمدت السلطات السعودية على تركيز الأضواء على هذه الخطوات تحديدًا لتحسين صورة سجلها الحقوقي كاملًا، لتبقي بذلك انتهاكاتها الحقوقية الفظيعة وحكمها القمعي تحت الظلال، ودون أي تعليق من هيئة حقوق الإنسان. فالسلطات مستمرة في تكميمها كافة الأصوات الناقدة والمعارضة، واعتقالها من يمارسون حقوقهم وحريّاتهم الأساسية، والإكثار من استخدام عقوبة الإعدام بعد محاكمات جائرة، لتتفوق في ذلك على أغلب دول العالم، في حين تواصل هيئة حقوق الإنسان مديحها حكّام البلاد في كل المحافل.
وعليه تحثّ القسط كورفيس كوميونيكيشنز على فكّ عقدها الأخير لتلميع صورة هيئة حقوق الإنسان والكف عن العمل لصالح السلطات السعودية. وتكرر القسط دعوتها هيئة حقوق الإنسان لإيلاء الدفاع عن حقوق الإنسان الأولوية، بدلًا من الدفاع عن السلطات السعودية، وتأسيس استقلالها بما يتوافق مع مبادئ باريس بالسعي للحصول على اعتماد من اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.