تاريخ النشر: 28/02/2025

ترحّب القسط بالإفراج الأخير عن عدد من معتقلي الرأي في السعوديّة، بما في ذلك نشطاء حقوقيّون بارزون، ومؤثّرون على وسائل التواصل الاجتماعي، وإثنا عشر فردًا من قبيلة الحويطات. وقد جاءت هذه الإفراجات بعد سنوات من السجن التعسّفي والانتهاكات الجسيمة لحقوقهم، ما يعكس قوّة الحملات المستمرّة للمطالبة بحرّيّتهم. وستتواصل الجهود لضمان الإفراج عن العديد من الآخرين الذين لا يزالون محتجزين تعسّفيًّا. يتعيّن على السلطات السعوديّة الآن ضمان منح المُفرج عنهم حرّيّة كاملة، والتي تشمل حقّهم في السفر، والتوقّف عن اعتقال الأفراد تعسّفًا لمجرّد ممارستهم حقوقهم الأساسيّة.

في الأشهر الأخيرة، أفرجت السلطات السعوديّة عن أكثر من 20 معتقل رأي. وقد بدأ ذلك في ديسمبر 2024 بالإفراج عن الصحفي مالك الأحمد ورجل الدين محمد الخضيري، اللذين اعتُقلا في سياق موجة الاعتقالات الكبرى في سبتمبر 2017؛ وكذلك المدون داوود العلي، الذي اعتُقل في ديسمبر 2020 بسبب تغريدات رفض فيها التطبيع مع إسرائيل، إلى جانب آخرين.

في الأيام القليلة الأولى من عام 2025، تم الإفراج المشروط عن المدافعين السعوديّين عن حقوق الإنسان محمد القحطاني وعيسى النخيفي بعد سنوات من السجن التعسّفي على أساس نشاطهم السلمي وتأخير أكثر من عامين منذ الانتهاء من مدّة سجنهما. وعلى الرغم من إطلاق سراحهما من السجن، إلا أنهما لا يزالان خاضعين لحظر سفر طويل.

وفي 10 فبراير، أُفرج عن سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراه السعوديّة، بعد أكثر من أربع سنوات من السجن التعسفي بسبب نشاطها السلمي عبر الإنترنت دعمًا لحقوق المرأة. وقد جاء الإفراج عنها بعد تخفيض مدّة حكمها في سبتمبر 2024 من 27 عامًا إلى أربع سنوات مع وقف تنفيذ أربع سنوات إضافيّة، وهي مدّة انتهت في ديسمبر 2024.

كما تبع ذلك موجة أخرى من الإفراجات خلال فبراير 2025، حيث أُفرج عن منصور الرقيبة، المؤثّر على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي اعتُقل في مايو 2022 وحُكم عليه بالسجن 27 عامًا بسبب مقطع فيديو مُسجّل سرًّا ينتقد فيه "رؤية 2030" لولي العهد. كما أُفرج عن حاتم النجّار، مقدّم البودكاست، الذي اعتُقل في يناير 2024 خلال حملة إلكترونيّة ضدّه. وشمل الإفراج أيضًا أسعد بن ناصر الغامدي، المعلّم الذي اعتُقل في 2022 وصدر بحقّه حكم بالسجن لمدّة 20 عامًا على خلفيّة نشاطه السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى أحمد البديوي، المدوّن الذي اعتُقل بسبب منشور على فيسبوك حول الإعدام الجماعي لـ81 رجلًا في مارس 2022، وزينب الربيع، الممرّضة التي اعتُقلت في يونيو 2022 بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلمت القسط أيضًا بالإفراج مؤخّرًا عن اثني عشر فردًا من قبيلة الحويطات، الذين اعتُقلوا بسبب معارضتهم العلنيّة لعمليّات التهجير القسري لإفساح المجال لمشروع مدينة نيوم العملاقة المدعوم من الدولة، وحُكم عليهم بأحكام سجن لفترات طويلة. ومن بين هؤلاء: محمد صقر الحويطي، أحمد عطا الله الحويطي، أحمد موسى الحويطي، عيد المشوري الحويطي، عبد العزيز المشوري الحويطي، عطيّة سليمان التجيجي الحويطي، عبد الله سليمان التجيجي الحويطي، عبد الله صالح التجيجي الحويطي، إبراهيم عطا الله المشوري الحويطي، حمود عودة المشوري الحويطي، عبد الهادي الرقابي الحويطي، وعبد المحسن المشوري الحويطي.

كما أنّ شروط هذه الإفراجات، التي لم تكن جزءًا من عفو ملكي، غير واضحة إلى حدّ كبير. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت أحكام السجن قد أُلغيت، مما يترك الأفراد في خطر إعادة الاعتقال وفي حالة من الخوف المستمر. فيسلّط ذلك الضوء على الطبيعة التعسّفيّة للنظام القضائي السعودي، والحاجة الملحّة إلى إصلاحات جوهريّة.

ورغم أن كلّ إفراج يُعدُّ تطوّرًا إيجابيًّا، إلا أن العديد من معتقلي الرأي الذين أٌفرج عنهم في السنوات الأخيرة لا يزالون يواجهون قيودًا صارمة، أبرزها حظر السفر، مما يمنعهم من مغادرة البلاد ويمزّق الأسر في كثير من الحالات. فعلى سبيل المثال، لا يزال محمد القحطاني يخضع لحظر سفر مدّته 10 سنوات يمنعه بوحشيّة من لمّ شمله بزوجته وأطفاله الخمسة في الولايات المتحدة. فغالبًا ما تُفرض هذه القيود كجزء من الأحكام القضائيّة الصادرة ضدّ المعتقلين، وعادةً ما تمتد لفترة مساوية لفترة السجن نفسها. ولكن السلطات تفرض أحيانًا حظر سفر "غير رسمي" دون أي إشعار مسبق. كما يواجه المُعتقلون المفرج عنهم حظرًا تعسفيًا على العمل أو النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يزيد من معاناتهم بعد سنوات من الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم في السجن، بما في ذلك سوء المعاملة والإهمال الطبي، الذي قد يكون له آثار طويلة الأمد على صحّتهم الجسديّة والنفسيّة.

وعلى الرغم من موجة الإفراجات الأخيرة، لا يزال هناك العديد من معتقلي الرأي الذين لم يشملهم العفو ويظلّون رهن الاعتقال التعسفي على خلفيّة ممارستهم لحقوقهم الأساسيّة، وبعضهم محتجز منذ أكثر من عقد. وتجدر الإشارة إلى أنّ هؤلاء المعتقلين ينتمون إلى مختلف الفئات المهنيّة والفئات العمريّة والخلفيات الاجتماعيّة، ومن بينهم: مدافعون عن حقوق الإنسان ومؤسّسو منظّمات غير حكوميّة مثل محمد العتيبي (المحكوم عليه بالسجن لمدّة 17 عامًا)، ووليد أبو الخير (15 عامًا)، وعبد العزيز الشبيلي (ثماني سنوات)؛ فضلًا عن نشطاء حقوقيّون شاركوا في احتجاجات سلميّة ضدّ التمييز ضدّ الشيعة في المنطقة الشرقيّة منذ 2011، مثل فاضل المناسف (14 عامًا) وإسراء الغمغام (ثماني سنوات)؛ الناشط الحقوقي محمد الربيعة (17 عامًا)، المعروف بدعمه لحقوق المرأة؛ العامل في الهلال الأحمر عبد الرحمن السدحان (20 عامًا)، الذي لا يزال مختفيًا قسرًا؛ مدربة الرياضة والناشطة في حقوق المرأة مناهيل العتيبي (11 عامًا)؛ نورة القحطاني، وهي أم لخمسة أطفال، (45 عامًا)؛ الطبيب وإداري ويكيبيديا أسامة خالد (32 عامًا)؛ ورجال دين مثل محمد الحبيب (12 عامًا)، سلمان العودة، وحسن فرحان المالكي، اللذين لا تزال محاكماتهما تشهد تأجيلات طويلة؛ والمهندس المعماري المتقاعد أحمد فريد مصطفى. كما لا يزال العشرات من أفراد قبيلة الحويطات رهن الاعتقال، سواء بأحكام سجن لقترات طويلة أو تحت تهديد حكم الإعدام.

في الوقت نفسه، وبينما جرت هذه الإفراجات الأخيرة، شهدت السعوديّة أيضًا موجة جديدة من الاعتقالات التعسّفيّة بسبب أنشطة مشروعة مثل التحدّث علنًا عن ظروف العمل السيّئة، أو ممارسة الحقوق الأساسيّة سلميًّا، أو معارضة سياسات السلطات، أو الانخراط في النشاط الحقوقي. ومن بين المعتقلين حديثًا محمد إسماعيل الدرع، جاويد أحمد، ومواطن بريطاني. كما اعتقلت السلطات السعودية سلمة بنت حسن الحويطي، والدة الطفل المعتقل عبد الله الحويطي المحكوم عليه بالإعدام، وذلك بسبب دعمها لابنها ونشاطها على منصّة إكس.

يجب وضع حدّ نهائي لهذه الانتهاكات، إلى جانب تنفيذ إصلاحات جوهريّة، تشمل إلغاء المحكمة الجزائيّة المتخصّصة وإلغاء الأنظمة القمعيّة مثل نظام مكافحة جرائم المعلوماتيّة ونظام مكافحة الإرهاب، اللذين يجرّمان التعبير السلمي، كما أوصت بذلك الدول خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع للسعوديّة.

وعلّقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، قائلة: "تُعدُّ هذه الإفراجات الأخيرة، التي لم تكن لتتحقق لولا الحملات الدؤوبة للنشطاء حول العالم، انتصارات كبيرة. لكن لكي تكون نقطة تحوّل حقيقيّة في سجلّ السلطات السعوديّة المروع في مجال حقوق الإنسان، يجب أن تترافق مع حرّيّة كاملة للمفرج عنهم، إضافة إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي الآخرين ووقف الاعتقالات التعسّفيّة الجديدة".

وعليه، تدعو القسط السلطات السعوديّة إلى ضمان الحرّيّة غير المشروطة لجميع معتقلي الرأي المفرج عنهم وعائلاتهم، بما في ذلك إلغاء أي قيود غير عادلة فُرضت عليهم مثل حظر السفر، وإلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع من لا يزالون محتجزين لمجرّد ممارستهم السلميّة لحقوقهم الأساسية.

مشاركة المقال
شهد عام 2024 استمرار بعض التوجهاتِ المقلقة في مجال حقوق الإنسان في السعوديّة، إلا أنهُ شهد أيضًا انتصارات للمناصرة الحثيثة
يسلّط تقرير القسط السنوي لعام 2024، الذي نُشر اليوم، الضوء على استمرار بعض التوجّهات المقلقة في مجال حقوق الإنسان في السعوديّة، ولكنه يبرز أيضًا بعض الانتصارات الملحوظة التي تحقّقت بفضل جهود الحملات.
أُفرج عن سلمى الشهاب من السجن، ولكن حريتها الكاملة لا تزال مطلبًا
بعد أكثر من أربع سنوات من السجن التعسفي، أُفرج عن طالبة الدكتوراه السعوديّة سلمى الشهاب بتاريخ 10 فبراير 2025.
المنظّمات غير الحكوميّة ترحّب بتخفيف عقوبة سلمى الشهاب، لكنها تواصل الدعوة إلى الإفراج غير المشروط عنها
نحنُ، المنظّمات الموقّعة أدناه، نرحّب بالقرار الأخير الصادر عن محكمة سعوديّة بتخفيض عقوبة السجن بحقّ معتقلة الرأي السعوديّة سلمى الشهاب من 27 عامًا إلى أربع سنوات، مع تعليق أربع سنوات إضافيّة.