تاريخ النشر: 27/02/2025

يسلّط تقرير القسط السنوي لعام 2024، الذي نُشر اليوم، الضوء على استمرار بعض التوجّهات المقلقة في مجال حقوق الإنسان في السعوديّة، ولكنه يبرز أيضًا بعض الانتصارات الملحوظة التي تحقّقت بفضل جهود الحملات. كما ويعكس عنوان التقرير، "بعدسة سعوديّة"، فلسفة وجوهر القسط، وهي منظمة غير حكوميّة، سعوديّة شعبيّة، تركّزُ على قضايا حقوق الإنسان، والتي، منذ أكثر من عقد من الزمان، تراقب عن كثب الانتهاكات وتدافع عن حقوق جميع المواطنين والمقيمين في السعوديّة.

يُقيِّم تقريرنا السنويّ العاشر لهذا العام، مرّةً أخرى، حالة حقوق الإنسان في السعوديّة ويستعرض التطوّرات الأخيرة. ويوثّق التقرير ارتفاعًا مُروِّعًا في تنفيذ عقوبة الإعدام، مع عدد قياسي من عمليّات الإعدام التي نُفِّذت عام 2024: ما لا يقلّ عن 345 شخصًا معروفًا، من بينهم 122 لجرائم غير عنيفة تتعلّق بالمخدّرات. كما لا يُظهِر المعدل المُتصاعد للإعدامات أيَّ بوادرَ للتراجع في عام 2025؛ فقد أُعدمَ 41 شخصًا في يناير وحده، مما يُثيرُ المخاوفَ على حياة العديدِ من الآخرين الموجودين حاليًّا في انتظار تنفيذ حكم الإعدام.

في غضون ذلك، لم يشهد القمع الوحشي لحرّيّة التعبير الذي تمارسه السلطات السعوديّة أي تراجع، حيث استمرّت المحاكم في عام 2024 في إصدار أحكام بالسجن لعقود على نشطاء سلميّين وآخرين لممارستهم حق حرّيّة التعبير، مع استهداف مجموعات جديدة مثل المؤثرين وصنّاع المحتوى السعوديّين المشهورين. وفي السجون السعوديّة، تعرّضت حياة بعض السجناء البارزين للخطر على أيدي السلطات من خلال الإهمال المتهوّر، إن لم يكن المتعمد، والتعرّض للإساءة، والحرمان من الرعاية الصحيّة.

وعلى نحو أكثر إيجابيّة، يُظهر التقرير أيضًا كيف حقّقت الجهود المتضافرة التي بذلها المدافعون عن حقوق الإنسان والناشطون بعض النجاحات الملحوظة في عام 2024، بما في ذلك الإفراج المشروط عن عدد من معتقلي الرأي، وتخفيض عدد من أحكام السجن. إلا أنه حتى بعد الإفراج، غالبًا ما يواجه المعتقلون السابقون وأفراد أسرهم قيودًا قاسيّة ومدمّرة، ولا سيما حظر السفر، الذي قد يكون مفروضًا من المحكمة أو قد يكون غير قانوني وغير رسمي.

إلى جانب ذلك، تُوسّعُ السلطات السعوديّة قمعَها إلى ما هو أبعد من حدود المملكة عبر وسائل مُختلفة، بما في ذلك تسليمُ المُجرمين (وطلبات التسليم)، والمراقبة الإلكترونيّة، والمضايقات عبر الإنترنت. وقد وثّقت القسط أمثلة على كلّ هذه التكتيكات خلال عام 2024، وبرزت العديد منها بشكل كبير في تقريرِنا الرائد، الذي نُشِر في أغسطس 2024، عن المجتمع المتنامي للمواطنين السعوديّين في المهجر.

كما ويشيرُ التقرير السنوي إلى أنه في أكتوبر 2024، أعربت لجنة الأمم المتحدة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة (سيداو) عن العديد من المخاوف بشأن استمرار التمييز ضدّ المرأة في القانون والممارسة في السعوديّة، والذي بدورهِ يتناقض مع ادعاءات السلطات بأنها مناصرة لتمكين المرأة.

وفي الوقتِ نفسه، واصلت السعوديّة، تحت قيادة محمد بن سلمان التي تزداد ثقةً في نفسها، بناء نفوذها واستخدام القوة الناعمة للرياضة والترفيه بشكلٍ غير مسبوق، وكان أبرز ذلك، تأكيد استضافتِها لكأس العالم لكرة القدم للرجال 2034 في ديسمبر. إضافةً إلى ذلك، تُثيرُ خططُ السلطات للبطولة مخاطر جديّة  تتمثّل في استغلال العمّال على نطاق واسع ووفيات العمال، نظرًا لانتشار انتهاكات حقوق العمّال التي يتيحها نظام الكفالة سيئ السمعة. وقد أدّت أعمال البنية التحتيّة الرئيسيّة في المدن المضيفة بالفعل إلى انتهاكاتٍ أخرى، بما في ذلك عمليّات الإخلاء القسري، في اثنين من أماكن البطولة الرئيسيّة، وسط جدّة ونيوم. كما ويشكل مشروع مدينة نيوم العملاقة مصدر قلقٍ خاص وموضوع ورقة إحاطة نشرتها القسط في نوفمبر.

وعليه، ورغم أنّ السعوديّة، تحت قيادة محمد بن سلمان، قد انفتحت بشكلٍ كبير على الشركات الغربيّة والمشاهير، فإنّ مناخًا مُرعبًا من الخوف لا يزالُ يسود المواطنين والمقيمين في المملكة، أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. لذلك، يُشدّد تقرير القسط لهذا العام على دعوة السلطات السعوديّة إلى الانفتاح على التدقيق المستقلّ، بما في ذلك منح منظّمات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة حق الوصول إلى البلاد. تشكلُ هذه الشفافيّة أهميّة حيويّة إذا أردنا إحراز تقدّم في متابعة التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل للسعوديّة هذا العام، والرصد الدقيق لعمليّة كأس العالم 2034 عن كثب، ومعالجة الانتهاكات المتفشيّة لحقوق الإنسان التي لا تزال تحدثُ على أرض الواقع.

مشاركة المقال
القسط ترحّب بالإفراج عن معتقلي الرأي في السعوديّة، وتدعو إلى إنهاء الاعتقال التعسّفي للعديد من الآخرين
ترحّب القسط بالإفراج الأخير عن عدد من معتقلي الرأي في السعوديّة، بما في ذلك نشطاء حقوقيّون بارزون، ومؤثّرون على وسائل التواصل الاجتماعي، وإثنا عشر فردًا من قبيلة الحويطات.
أُفرج عن سلمى الشهاب من السجن، ولكن حريتها الكاملة لا تزال مطلبًا
بعد أكثر من أربع سنوات من السجن التعسفي، أُفرج عن طالبة الدكتوراه السعوديّة سلمى الشهاب بتاريخ 10 فبراير 2025.
المنظّمات غير الحكوميّة ترحّب بتخفيف عقوبة سلمى الشهاب، لكنها تواصل الدعوة إلى الإفراج غير المشروط عنها
نحنُ، المنظّمات الموقّعة أدناه، نرحّب بالقرار الأخير الصادر عن محكمة سعوديّة بتخفيض عقوبة السجن بحقّ معتقلة الرأي السعوديّة سلمى الشهاب من 27 عامًا إلى أربع سنوات، مع تعليق أربع سنوات إضافيّة.