أصدرت القسط لحقوق الإنسان اليوم، 19 نوفمبر 2024، أحدث تقرير إحاطي لها حول مجموعة واسعة من المخاوف المتعلّقة بمشروع مدينة نيوم العملاقة في السعوديّة. وتشمل هذه المخاوف خطر حدوث انتهاكات واسعة النطاق لحقوق العمّال، والتي سلّطت الضوء عليها سلسلة من الإخفاقات المحيطة بوفاة عامل في موقع بناء نيوم، والآثار المدمّرة على البيئة.
في العام الماضي، كشف تقريرنا الرائد "الجانب المظلم من مشروع نيوم" عن انتهاكات جسيمة تتعلّق بالتهجير القسري وملاحقة سكّان المنطقة الأصليّين، قبيلة الحويطات. وعليه، تسلّط هذه الإحاطة الجديدة الضوء على مخاوف إضافيّة، ممّا يوضح أكثر من أي وقت مضى التحدّيات الأخلاقيّة الخطيرة ومخاطر السمعة لشركاء ومستثمري المشروع المحتملين.
تُعدُّ مدينة نيوم، وهي إحدى المشاريع الرئيسيّة في الخطّة الاقتصاديّة "رؤية 2030" التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، إحدى المدن الخمس المضيفة المُدرجة في عرض السعوديّة لاستضافة كأس العالم 2034. وتتضمّن كمركز لها مدينة خطّيّة مستقبليّة بعرض 200 متر، "ذا لاين"، صُمّمت في الأصل بطول 170 كم ولكن تم تقليصها بشكل كبير وفقًا للتقارير.
أول حالة وفاة لعامل مهاجر في موقع بناء نيوم تُوثّقها القسط
كما هو الحال مع كأس العالم ككلّ، فإن أحد المخاوف الرئيسيّة بشأن تطوير هذا المشروع، بالنظر إلى انتشار الاستغلال والانتهاكات العمّالية في البلاد، يتعلّق بحقوق العمّال، وخاصّة حقوق مئات الآلاف من العمّال المهاجرين.
كما وقد تم تسليط الضوء على هذه المخاطر في فيلم وثائقي تلفزيوني بريطاني حديث، "المملكة المكشوفة: داخل السعوديّة - Kingdom Uncovered: Inside Saudi Arabia" ويمكن رؤيتها بوضوح من الظروف المحيطة بوفاة عبد الولي سکندر خان في 28 ديسمبر 2023، وهو مهندس مدني باكستاني يبلغ من العمر 25 عامًا وأب لطفلين توفي في موقع بناء نيوم بعد انهيار الحاجز. كما فشلت الشركات المعنيّة بإجراء تحقيق مناسب، واضطر شقيقه، مير الولي خان، إلى السفر لاستعادة جثمان عبد الولي من السعوديّة على نفقته الخاصّة. ولا تزال الأسرة تكافح من أجل الحصول على التعويض والمساءلة.
وقد علّق مير الولي خان، قائلًا: "تعاملت الشركات والسلطات السعوديّة مع شقيقي باستهتار قاسٍ. ففي كلّ مرحلة منذ وفاته، فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة، مما تسبّب لي ولأسرتي في المزيد من الألم والمشقّة. وعلى هذا النحو، يستمر سعينا للحصول على الإجابات والعدالة، من أجل عبد الولي وغيره ممن عانوا من مصير مماثل".
المسائل البيئيّة والاجتماعيّة الاقتصاديّة حول مشروع مدينة نيوم
لكن نطاق المخاوف حول مشروع مدينة نيوم يتجاوز بكثير الانتهاكات التي تؤثّر على سكّان المنطقة والعمّال المهاجرين. وتستكشف إحاطتنا الإعلاميّة أيضًا التأثير البيئي للمشروع وقضايا مثل المراقبة الرقميّة. إن المخاطر التي يشكّلها مشروع مدينة نيوم على النظام البيئي الإقليمي، وبصمته الكربونيّة الهائلة، وحجم المواد الخام اللازمة، تتعارض مع طموحه المعلن بأن تكون هذه المدينة "مدينة عملاقة خضراء للمستقبل". علاوة على ذلك، فإن الخطط الباهظة وغير الواقعيّة لمشروع مدينة نيوم – وهو مشروع يتم تنفيذه من القمّة إلى القاعدة – لا تفعل شيئًا لمعالجة أوجه القصور الصارخة في البنية التحتيّة الأوسع للبلاد والصراعات اليوميّة في العالم الحقيقي التي يواجهها العديد من المواطنين السعوديّين.
المسؤوليّة التجاريّة والعناية الواجبة للشركات
في ضوء هذه المخاوف العميقة، تقع على عاتق جميع الشركات المشاركة أو التي تفكر في المشاركة في مشروع مدينة نيوم مسؤوليّة تجنّب التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان ومنع حدوث أي آثار سلبيّة. وتهدف إحاطة القسط إلى مساعدتهم على التحقّق من صحّة الادعاءات المتعلّقة بالمشروع عند تقييم قراراتهم.
وقد علّقت المديرة التنفيذيّة للقسط، جوليا ليغنر، قائلة: "يعتمد تطوير مشروع مدينة نيوم بشكل كبير على الاستثمار والشراكات الدوليّة، مما يجعل الشركات الأجنبيّة من بين أفضل الجهات الفاعلة التي تتمتّع بسلطة حقيقيّة لتحدّي السلطات السعوديّة. ونحثّهم على النظر عن كثب في الأدلة واتخاذ الإجراء المناسب".
وعليه، تحثّ القسط الشركات المشاركة في المشروع على استخدام كل النفوذ المتاح لها للدعوة إلى وقف انتهاكات الحقوق المتعلّقة بنيوم، والإفراج عن أفراد قبيلة الحويطات الذين سُجنوا ظلمًا، وتحقيق العدالة للعمّال المهاجرين مثل عبد الولي سكندر خان.