تعرض وتحلّل "المغتربون السعوديّون: مجتمع متنامٍ من المهاجرين واللاجئين" نتائج دراسة استقصائيّة أجرتها القسط في أوائل عام 2024.
الملخّص التنفيذي
بناءً على بيانات من المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنّ عدد السعوديين الذين يفرّون من بلادهم ويطلبون اللجوء في الخارج قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي، وهي فترة شهدت زيادة ملحوظة في الاستبداد وفقدان الحريّة في السعوديّة. ومع ذلك، لا يُعرف سوى القليل عن هذا المجتمع المتنامي من المهاجرين واللاجئين والتحدّيات التي يواجهونها.
كما تستند هذه الإحاطة إلى نتائج دراسة استقصائيّة سرّيّة عبر الإنترنت بعنوان "السعوديّون والمقيمون في المهجر"، أجرتها القسط في أوائل عام 2024 بين المواطنين السعوديّين والمقيمين السابقين لفترة طويلة في السعوديّة الذين يعيشون الآن في المهجر. وقد استجاب ما مجموعه 100 فردًا للدراسة الاستقصائيّة من أصل أكثر من 200 شخص تم الاتصال بهم، وأكمل 67 منهم الدراسة جزئيًا أو كليًا. وعلى الرغم من أنّ حجم عيّنة الدراسة الاستقصائيّة كان صغيرًا نسبيًّا، إلا أنّ معدل الاستجابة كان مثيرًا للإعجاب، خاصّة إذا أخذ المرء في الاعتبار المخاطر المتصوّرة المترتّبة على المشاركة.
وقد جُمعت نتائج الدراسة الاستقصائيّة ضمن خمسة أسئلة على النحو التالي:
1. ما الذي نعرفه عن المواطنين والمقيمين السعوديّين الذين استجابوا للدراسة الاستقصائيّة؟
طُلب من المشاركين الإجابة عن عمرهم وجنسهم وتوجّههم الجنسي وحالتهم الاجتماعيّة ودينهم ومنطقتهم الأصليّة في السعوديّة ومستوى تعليمهم ومهنتهم السابقة ووضعهم القانوني في بلدهم المضيف. وقد أثبتوا أنهم مجموعة متنوعة، مما يعكس التنوع الديموغرافي للسعوديّة نفسها. كما قد تم تحديد نسبة عالية (46%) كلاجئين أو طالبي لجوء.
2. ما هي أسباب مغادرتهم لبلدهم الأصلي؟
غادر المشاركون في الدراسة الاستقصائيّة السعوديّة لأسباب متنوعة، لكن أكثر الأسباب التي تكرّر ذكرها كانت انعدام الحريّة والشعور بالضعف بسبب نشاطهم أو نشاط أفراد عائلاتهم، أو بسبب توجّههم الجنسي. كما أشارت نسبة مرتفعة بشكل مفاجئ إلى العنف الأسري، حيث كان فشل النظام السعودي في توفير الحماية هو العامل الذي دفع بالضحايا إلى اللجوء إلى الخارج بحثًا عن الأمان. وقد لجأ ما يقرب من ربع المستجيبين إلى طلب المساعدة بشأن مشاكلهم من الهيئات الرسميّة قبل مغادرة المملكة، دون جدوى.
فاعتقدت الغالبيّة العظمى أنهم لن يكونوا آمنين إذا ما عادوا إلى السعوديّة، حتى ولو قدّمت لهم السلطات ضمانات بالسلامة.
3. ما هي تجاربهم في العيش بالخارج؟
طُلب من المشاركين التحدّث عن الصعوبات التي واجهوها في العيش بالخارج، سواء في حياتهم الشخصيّة أو فيما يتعلّق بوضعهم القانوني وآفاق حياتهم المهنيّة. كما وردت أسئلة إضافيّة حول صحّتهم وأفراد عائلاتهم المقرّبين العقليّة. وكانت المشاكل المتعلّقة بالمال والوظائف والمسكن هي أكثر المشاكل التي تكرّر ذكرها. كما شكّلت المراقبة الإلكترونيّة والمضايقات من المتصيّدين عبر الإنترنت قضايا مهمّة للعديد من السعوديّين المقيمين في المهجر.
4. ما هي آراؤهم حول الوضع الحالي في السعوديّة؟
طُلب من المشاركين في الدراسة الاستقصائيّة آراءهم حول التغييرات الأخيرة في السعوديّة، مثل برنامج التحول الاقتصادي رؤية 2030 الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان، واستضافة الفعاليّات الثقافيّة والرياضيّة الدوليّة الكبرى، وحالة حقوق الإنسان والحريّات المدنيّة. وقد كانت إجاباتهم سلبيّة بأغلبيّة ساحقة، لكن وردت آراء متباينة حول ما إذا كان للناشطين السعوديّين المقيمين في الخارج تأثير على العمل لبناء ديمقراطيّة في السعوديّة.
5. ما التغييرات التي يجب إجراؤها في السعوديّة قبل أن يفكّر السعوديون في المهجر بالعودة؟
أجاب أكثر من نصف المشاركين بأنهم لا يعتزمون العودة، ويرجع ذلك في الغالب إلى مخاوف تتعلّق بالسلامة الشخصيّة، والخوف وعدم الثقة بالحكومة السعوديّة الحاليّة، والافتقار الملحوظ إلى الحماية القانونيّة للنساء والمثليين والمثليّات وثنائيي الميل والعابرين والعابرات. وقد أعرب بعض المستجيبين عن كرههم للمجتمع السعودي والبلد بشكل عام، أو شعروا ببساطة أنهم استقروا في بلدهم الجديد وليس لديهم أي سبب للعودة.
وتمثّلت التغييرات التي يرغب السعوديّون في المهجر رؤيتها أكثر من غيرها في الحريّة السياسيّة/الديمقراطيّة (91%) وتحسين فرص العمل وحقوق العمّال (68%) والمساواة بين الجنسين (54%) وقبول مجتمع الميم (41%).
تتوافق نتائج الدراسة الاستقصائيّة إلى حد كبير مع الأبحاث والاستخبارات السابقة التي أجرتها القسط من مصادر ميدانيّة داخل السعوديّة، بالإضافة إلى القضايا التي تنشأ في عملها مع طالبي اللجوء السعوديّين في أوروبا وأمريكا الشماليّة. وبالتالي فإنها تعزّز بشكل كبير حجج القسط لإدخال تحسينات جذرية على سجلّ المملكة في مجال حقوق الإنسان، وتشير إلى أساس محتمل للدعوة الجماعيّة من قبل السعوديين في المهجر على نطاق أوسع.
يخلص التقرير إلى أن الحاجة ماسة لإجراء إصلاحات كبيرة قبل أن يفكر غالبيّة السعوديّين في الخارج بالعودة إلى المملكة، وذلك بالنظر إلى مخاوفهم على سلامتهم وعدم ثقتهم العميقة بالسلطات. وفي المقام الأول، يجب أن تكون هناك ضمانات ملموسة لحريّة التعبير وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمّع وتكوين الجمعيّات. ويلزم إقرار تشريعات تكفل الحريّات المدنيّة والسياسيّة وتوفر الحماية للأقليّات الضعيفة وضحايا الإساءة، وخاصّة النساء، مع ضرورة تطبيقها من قبل قضاء مستقل. كما سيكون الإفراج عن معتقلي الرأي أوضح دليل على حسن نيّة السلطات.
بالإضافة إلى ذلك، تعزّز نتائج الدراسة الاستقصائيّة بشكل كبير دعوات القسط المتكرّرة لإجراء إصلاحات شاملة وضمانات الحقوق الأساسيّة لجميع المواطنين والمقيمين السعوديّين دون تمييز، وذلك ضمن إطار قانوني يتماشى مع معايير حقوق الإنسان الدوليّة، والذي يتم تنفيذه وإنقاذه من قبل قضاء مستقلّ تمامًا عن السلطات الحاكمة.
يقترح التقرير أيضًا إجراءات يمكن للبلدان المضيفة والمجتمع الدولي اتخاذها لدعم السعوديين في المهجر ورغبتهم في الإصلاحات الداخليّة:
- يجب حماية السعوديّين الذين يطلبون اللجوء أو المعرضين لخطر الترحيل، ويجب أخذ ادعاءات التهديدات لسلامتهم على محمل الجد.
- وينبغي معالجة القمع العابر للحدود الوطنيّة الذي يتّخذ شكل المراقبة الإلكترونيّة والتسلّط عبر الإنترنت.
- تستحق الجمعيّات المدنيّة للمهاجرين السعوديّين وحلفائهم الدعم في دفاعهم عن حقوق الإنسان الأساسيّة والحريّات السياسيّة والمدنيّة في السعوديّة.
- من أجل معالجة الأسباب الجذريّة التي تدفع بالسعوديّين إلى الفرار من بلادهم، يجب تعزيز ودعم عمل منظّمات حقوق الإنسان مثل القسط، والمدافعين في الأمم المتحدة ومع الحكومات والبرلمانات في كلّ مكان.