تاريخ النشر: 05/06/2025

ترحّب القسط بالإفراج عن عدد إضافي من معتقلي الرأي في السعوديّة، وتعدّه اتجاهًا إيجابيًا، وإن كان غير كافٍ. فإطلاق سراحهم بعد سنوات من الاحتجاز التعسفي والانتهاكات الجسيمة لحقوقهم يمثل خطوة مشجعة وشهادة على تأثير جهود المناصرة. ومع ذلك، فإن هذا الإفراج لا يضع حدًا للظلم الذي تعرض له هؤلاء الأفراد، إذ غالبًا ما يُفرض عليهم بعد الإفراج لحظر سفر تعسفي، سواء من خلال قرارات قضائيّة أو بطرق غير رسمية. وفي الوقت نفسه، لا يزال عدد لا يُحصى من الآخرين رهن الاعتقال الجائر.

مؤخرًا، وفي أواخر مايو، أُفرج عن المدافع عن حقوق الإنسان محمد الربيعة، بعد أكثر من سبع سنوات من السجن التعسفي. كان قد تم تخفيض الحكم الصادر بحقه سابقًا من 17 عامًا إلى ثماني سنوات مع وقف تنفيذ سنة واحدة، وهي المدة التي انتهت في أوائل مارس. كما واعتُقل الربيعة في مايو 2018 ضمن حملة استهدفت مدافعات بارزات عن حقوق الإنسان وعدّة رجال دعوا إلى حقوق المرأة في السعوديّة. وقد تعرض للتعذيب الوحشي وحُكم عليه بالسجن بسبب نشاطه السلمي.

كما أُفرج مؤخرًا عن الكاتب والمدافع عن حقوق الإنسان فاضل المناسف، وذلك في مطلع شهر مايو بعد أن أمضى حكمًا بالسجن لمدة 14 عامًا على خلفية نشاطه الحقوقي. كذلك، أُفرج في شهر مارس عن الطبيب والباحث عبدالمحسن الأحمد، بعد فترة طويلة من انتهاء مدة سجنه البالغة سبع سنوات.

وقد شمل الإفراج في الأشهر الأخيرة عددًا من معتقلي الرأي الذين كانوا يقضون أحكامًا طويلة بالسجن بسبب تعبيرهم السلمي على الإنترنت، من بينهم أخصائي علاج الأقدام والإداري في ويكيبيديا زياد السفياني (المحكوم عليه بالسجن 14 عامًا)، وطالبة الطب سارة الجار (27 عامًا)، والمدونتان فاطمة الشوارب (30 عامًا وستة أشهر) وسكينة العيثان (40 عامًا).

كما شمل الإفراج مؤخرًا مدونات اعتُقِلن في مايو ويونيو 2021، في إطار حملة قمع استهدفت من عبّروا سلميًا عن آرائهم عبر الإنترنت، وهن أسماء السبيعي، وياسمين الغفيلي، والطبيبة لينا الشريف. كذلك أُفرج عن مغني الراب عمر شيبوبة (اعتُقل في مارس 2022)، وشيماء البقمي (اعتُقلت في أبريل 2022 وتعرضت للإخفاء القسري)، وعبد الله الدريبي (اعتُقل في مايو 2022 وتعرض هو الآخر للإخفاء القسري).

وعلمت القسط أيضًا بالإفراج عن عدد إضافي من أبناء قبيلة الحويطات، الذين كانوا قد اعتقلوا بسبب معارضتهم العلنيّة لعمليات التهجير القسري الهادفة لإفساح المجال أمام تنفيذ مشروع "نيوم" الضخم الذي ترعاه الدولة. وقد حُكم على العديد منهم بأحكام سجن طويلة استثنائية، ومن بينهم: عبدالله دخيل الله الحويطي (المحكوم عليه بالسجن 50 عامًا)، وثامر تيسير الحويطي (20 عامًا)، وسامي هليل الحويطي، ومحمد صبيح الطقطقي الحويطي، وأيمن بخيت الحويطي، وسليمان هويمل الحويطي.

ويشمل العدد المتزايد من معتقلي الرأي الذين أُفرج عنهم في الأشهر الأخيرة، ولا سيما منذُ مطلع عام 2025، مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان مثل محمد القحطاني وعيسى النخيفي، وطالبة الدكتوراه سلمى الشهاب، وشخصيات معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل منصور الرقيبة وحاتم النجار، إلى جانب عشرات آخرين من أفراد قبيلة الحويطات.

ومع ذلك، يواجه المُفرج عنهم في معظم الحالات قيودًا مشددة بعد الإفراج، أبرزها حظر السفر التعسفي الذي يمنعهم من مغادرة البلاد. وقد فُرضت على كثير منهم قرارات حظر سفر صادرة عن المحكمة ضمن الأحكام القضائيّة، لتُطبق فور الإفراج عنهم، وغالبًا ما تكون مساوية لمدة السجن نفسها. ومن بين هؤلاء: عيسى النخيفي (يخضع لحظر سفر لمدة ست سنوات)، سلمى الشهاب (ثماني سنوات)، محمد القحطاني (10 سنوات)، وفاضل المناسف (14 سنة).

أما في الحالات التي أُفرج فيها عن بعض الأفراد قبل انتهاء مدة سجنهم، أو حتى قبل صدور الحكم بحقهم، فإن شروط الإفراج عنهم غالبًا ما تبقى غامضة، وذلك تماشيًا مع غياب الشفافية حول الإجراءات القضائيّة في البلاد. إذ أنه من الممكن أن تكون أحكامهم قد أُسقطت، ومع ذلك يبقون خاضعين لحظر سفر "غير رسمي" تفرضه السلطات السعوديّة دون إشعار رسمي أو تحديد لمدة زمنيّة معينة.

لا تزال الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول، التي أُفرج عنها في فبراير 2021، تخضع لحظر سفر غير رسمي حتى بعد انتهاء مدة الحظر الذي فرضته المحكمة الجزائية المتخصصة في نوفمبر 2023 ضمن حكمها الصادر بحقها. وتثير قضيتها مخاوف من أن يواجه آخرون المصير ذاته، حتى بعد انتهاء مدة حظر السفر القضائي أو في حال إسقاط الأحكام الصادرة بحقهم. ويُعد حظر السفر التعسفي هذا، الذي غالبًا ما يمتد ليشمل أفراد الأسرة أيضًا، له تأثير شخصي بالغ على الضحايا، كما أنه يُعد انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، فضلًا عن أحكام القانون السعودي المحلي.

وعلى الرغم من موجة الإفراجات الأخيرة، لا يزال هناك العديد من معتقلي الرأي الذين لم يشملهم العفو ويظلّون رهن الاعتقال التعسفي على خلفيّة ممارستهم لحقوقهم الأساسيّة، وبعضهم محتجز منذ أكثر من عقد. وتجدر الإشارة إلى أنّ هؤلاء المعتقلين ينتمون إلى مختلف الفئات المهنيّة والفئات العمريّة والخلفيات الاجتماعيّة، ومن بينهم: مدافعون عن حقوق الإنسان ومؤسّسو منظّمات غير حكوميّة مثل محمد العتيبي (المحكوم عليه بالسجن لمدّة 17 عامًا)، ووليد أبو الخير (15 عامًا)، وعبد العزيز الشبيلي (ثماني سنوات)؛ فضلًا عن نشطاء حقوقيّون شاركوا في احتجاجات سلميّة ضدّ التمييز ضدّ الشيعة في المنطقة الشرقيّة منذ 2011، مثل إسراء الغمغام (13 عامًا)؛ العامل في الهلال الأحمر عبد الرحمن السدحان (20 عامًا)، الذي لا يزال مختفيًا قسرًا؛ مدربة الرياضة والناشطة في حقوق المرأة مناهل العتيبي (11 عامًا)؛ نورة القحطاني، وهي أم لخمسة أطفال، (45 عامًا)؛ الطبيب وإداري ويكيبيديا أسامة خالد (32 عامًا)؛ ورجال دين مثل محمد الحبيب (12 عامًا)، سلمان العودة، وحسن فرحان المالكي، اللذين لا تزال محاكماتهما تشهد تأجيلات طويلة؛ والمهندس المعماري المتقاعد أحمد فريد مصطفى. كما لا يزال العشرات من أفراد قبيلة الحويطات رهن الاعتقال، سواء بأحكام سجن لقترات طويلة أو تحت تهديد حكم الإعدام.

 وعليه، تدعو القسط السلطات السعوديّة إلى ضمان الحرّيّة غير المشروطة لجميع معتقلي الرأي المفرج عنهم وعائلاتهم، بما في ذلك إلغاء أي قيود غير عادلة فُرضت عليهم مثل حظر السفر، وإلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع من لا يزالون محتجزين لمجرّد ممارستهم السلميّة لحقوقهم الأساسية.

مشاركة المقال
تنفيذ أحكام الإعدام بحق 100 شخص في السعوديّة منذ بداية العام الجاري، وسط تصاعد ملحوظ في أحكام الإعدام المتعلّقة بجرائم المخدرات
يستمر استخدام السعوديّة المروع لعقوبة الإعدام بوتيرة متسارعة هذا العام، حيثُ تم إعدام ما لا يقل عن 111 أفراد حتى الآن في عام 2025، وسط تصاعد ملحوظ في عمليات الإعدام المتعلّقة بجرائم المخدرات.
المنظمات غير الحكومية تدعو إلى الإفراج الفوري عن نورة القحطاني، وسط تدهور حالتها الصحيّة واحتجازها في الحبس الانفرادي
نحن، المنظمات الموقعة أدناه، من المجتمع المدني، نعرب عن بالغ قلقنا إزاء استمرار احتجاز نورة بنت سعيد القحطاني في الحبس الانفرادي في السعوديّة منذ فبراير 2025.
تصاعد الإجراءات الانتقامية بحق أبناء الداعية المخفي قسريًا
تُعرب القسط عن قلقها إزاء استمرار الإجراءات القمعيّة ضد عائلة الداعية سليمان الدويش، الذي اعتُقل وتعرض للتعذيب في أبريل 2016، وتعرض للاختفاء القسري منذ يوليو 2018.