تدين القسط لحقوق الإنسان جهود السلطات السعوديّة المستمرّة لتبييض سجلّها الحقوقي من خلال المشاركات الدوليّة رفيعة المستوى، مثل زيارة ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان الحاليّة إلى بروكسل لحضور القمة المشتركة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي. ونظرًا لأنّ ولي العهد يسعى إلى وضع السعوديّة كعنصر عالمي رئيسي، فمن الأهميّة بمكان عدم التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان المتفشّية والمستمرّة التي تحدث في السعوديّة وعدم السماح لها بالاستمرار دون عقاب.
وعلى الرغم من الاحتجاجات الدوليّة في ذلك الوقت، لم يُحاسب أحد حتى الآن على جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي التي ترعاها الدولة في عام 2018، وهي جريمة بشعة خلصت المخابرات الأمريكيّة إلى أنها كانت بتدبير من ولي العهد نفسه.
كما وقد شجّع انعدام المساءلة هذا السلطات السعوديّة على ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة، بما في ذلك زيادة استخدام عقوبة الإعدام. فاعتبارًا من 16 أكتوبر2024، نفّذت السعوديّة 220 إعدامًا حتى الآن هذا العام، جاعلة هذا العام الأكثر دمويّة في سجل أحكام الإعدام في التاريخ السعودي الحديث. كما ومن بين هؤلاء الأفراد البالغ عددهم 220 فردًا، أُعدم 62 فردًا بتهم تتعلّق بجرائم المخدّرات غير العنيفة، في انتهاك للمعايير الدوليّة لحقوق الإنسان. وعليه، تتناقض هذه الأرقام بشكل شامل مع سرد الإصلاح والتحديث الذي تسعى السلطات إلى تعزيزه.
بالإضافة إلى استخدامها الفظيع لعقوبة الإعدام، تواصل السلطات السعوديّة استهداف المعارضين السلميّين والمدافعين عن حقوق الإنسان بممارسات غير قانونيّة مثل الاختفاء القسري وحظر السفر والاعتقالات التعسّفيّة. ولا يزال أفراد بارزون مثل محمد القحطاني، وهو أحد مؤسّسي جمعيّة الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم)، رهن الاحتجاز التعسّفي، في حين لا يزال آخرون مثل لجين الهذلول يخضعون لحظر سفر تعسّفي وغير قانوني منذ الإفراج عنهم من السجن.
وعليه، يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يسمح بإعادة تأهيل محمد بن سلمان على الساحة العالميّة وتجنّب المساءلة عن الانتهاكات التي لا تزال تحدث تحت حكمه. ومع انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، تحث القسط الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي على وضع حقوق الإنسان في صميم جميع المناقشات مع السعوديّة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، من أجل تعزيز التعاون بين المنطقتين بطريقة تعود بالنفع على شعبيهما. وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي أن تعيد القمة تعريف العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وأن تقيم حوارا يعطي الأولويّة لحقوق الإنسان.
تدعو القسط الاتحاد الأوروبي إلى الضغط من أجل المساءلة والدعوة إلى الإفراج عن جميع الأفراد المحتجزين تعسّفًا في السعوديّة، وإلى رفع حظر السفر، وإلى وقف العمل بعقوبة الإعدام بغية إلغائها في نهاية المطاف.
كما نود أن نسلّط الضوء على الحاجة إلى إصلاحات هيكليّة لحقوق الإنسان، في الوقت الذي تسعى فيه السعوديّة إلى إقامة روابط اقتصاديّة أقوى مع الاتحاد الأوروبي. ويجب أن تشمل الإصلاحات إلغاء منظومة ولاية الرجل بالكامل، وتعديل نظام الأحوال الشخصيّة، والإلغاء التام لنظام الكفالة، وإنهاء ما يسمى بأنظمة الطاعة. علاوة على ذلك، يجب السماح للمجتمع المدني بالتعبير عن آرائه بحرّيّة والاضطلاع بدور فعّال في عمليّة الإصلاح في البلاد.