وصل استخدام السعوديّة المتزايد لعقوبة الإعدام إلى مستويات مروّعة في عام 2024، حيث تم إعدام ما لا يقلّ 309 شخصًا حتى 8 ديسمبر، وهو أعلى رقم معروف في التاريخ السعودي. يوضّح هذا الحدث القاتم تجاهل السلطات السعوديّة الصارخ للحق في الحياة ويتناقض مع تعهداتها السابقة بتقليص استخدام عقوبة الإعدام.
من بين 309 أشخاص تم إعدامهم حتى الآن في عام 2024، وفقًا لبيانات وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة، كان 189 (61%) من المواطنين السعوديّين. وكان الرعايا الأجانب الـ 120 الذين أُعدموا من 14 دولة آسيويّة وأفريقيّة.
وقد أُعدم 106 أشخاص بتهم تتعلق بجرائم المخدرات، منهم 81 أجنبيًّا. يشير هذا إلى زيادة كبيرة مقارنة بعام 2023، الذي شهد إعدام شخصين فقط في قضايا مخدرات، مما يعكس تراجعًا كاملًا عن تعهّد سابق بوقف استخدام عقوبة الإعدام في مثل هذه القضايا التي استمرّت من يناير 2021 حتى نوفمبر 2022 ولكن لم يتم دمجه أبدًا في تغيير رسمي للسياسة. وهذا التصعيد يثير القلق بشأن حياة مئات السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات. وتشكّل عمليّات الإعدام هذه انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يحظر استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا تصل إلى مستوى الجرائم "الأكثر خطورة".
كما أُعدم 46 شخصًا بتهم "تتعلّق بجرائم الإرهاب"، والتي يمكن أن تشمل مجموعة واسعة من الأفعال غير المميتة مثل المشاركة في الاحتجاجات. يمثّل الادعاء غير المنطقي الذي قدّمته وكالة الأنباء السعوديّة بأن عبد المجيد النمر، الرجل الشيعي الذي أُعدم في 17 أغسطس، كان جزءًا من خلية إرهابيّة تابعة لتنظيم القاعدة، مثالًا صارخًا على محاولة السلطات وصف المعارضة السلميّة بأنها إرهاب، رغم عدم وجود دليل يثبت ذلك في الوثائق القضائيّة المتعلّقة بمحاكمته.
لطالما كانت السعودية من بين الدول الرائدة في تنفيذ الإعدامات على مستوى العالم. على الرغم من تعهّد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عام 2018 بتقليص استخدام عقوبة الإعدام، فإنّ معدّل الإعدامات استمر في الارتفاع، رغم الهدوء النسبي خلال جائحة كورونا. وفي مارس 2022، كرّر محمد بن سلمان هذا الالتزام، ومع ذلك شهد ذلك العام عددًا قياسيًّا من الأشخاص الذين أعدموا: 196 شخصًا. في عام 2023، نفّذت السلطات ما لا يقل عن 172 عمليّة إعدام، ويشير الرقم المسجّل للأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024 إلى أن هذا العام هو بلا شكّ أعلى معدّل إعدام في التاريخ السعودي الحديث. في ظلّ غياب الشفافيّة ومع تنفيذ عمليّات الإعدام في بعض الأحيان سرًّا، فإنّ الأرقام الفعليّة قد تكون أعلى من ذلك.
من المقلق أن تواصل السعوديّة فرض أحكام الإعدام على الأفراد الذين ارتكبوا جرائم عندما كانوا قُصّرًا، في انتهاك مباشر لاتفاقيّة حقوق الطفل التي تُعدُّ السعوديّة طرفًا فيها. كما يواجه ما لا يقلّ عن تسعة شبّان خطر الإعدام بسبب جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها عندما كانت أعمارهم تقلّ عن 18 عامًا، وأحيانًا لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا. وقد أدانت المحكمة الجزائيّة المتخصّصة الأغلبيّة بموجب نظام مكافحة الإرهاب الصارم لأفعال محميّة بحقوق حرّيّة التعبير والتجمّع السلمي، بما في ذلك المشاركة في الاحتجاجات وحضور الجنازات. وجاءت جميع الأحكام الصادرة بحق هؤلاء الشبّان في أعقاب محاكمات بالغة الجور لم تلتزم أدنى معايير العدالة، مثل منعهم من الوصول إلى محامٍ، وعدم تمكينهم من الاطلاع على ملفاتهم الجنائية، وقبول الاعترافات المنتزعة بالإكراه كدليل في المحكمة.
في السعوديّة، تُستخدم عقوبة الإعدام أيضًا كسلاح كجزء من حملة القمع الأوسع نطاقًا التي تشنّها السلطات، بما في ذلك كأداة لإسكات المعارضة وإثارة الخوف. وقد حُكم على ما لا يقل عن خمسة من أفراد قبيلة الحويطات بالإعدام لمقاومتهم السلميّة للتهجير القسري لقبيلتهم لإفساح المجال لمشروع مدينة نيوم العملاقة المدعوم من الدولة. وفي مثال آخر على القمع الشديد الذي تمارسه السلطات ضدّ حرّيّة التعبير، حكمت المحكمة الجزائيّة المتخصّصة في يوليو 2023 على المعلّم المتقاعد محمد بن ناصر الغامدي بالإعدام لمجرّد تغريداته السلميّة. وقد خفّفت المحكمة لاحقًا عقوبته إلى 30 عامًا في السجن. وفي الوقت نفسه، تستمرّ محاكمات الداعية سلمان العودة والباحث الشرعي حسن فرحان المالكي، اللذين يسعى الادعاء إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهما استنادًا إلى دعاوى غير محدّدة، رغم عدم وجود أدلة واضحة. وقد تم احتجازهما تعسّفيًّا منذ سبتمبر 2017.
وعلّقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، قائلةً: "تُعدّ هذه الزيادة غير المسبوقة في عمليّات الإعدام تذكيرًا واضحًا ومقلقًا بأنه على الرغم من خطاب القيادة السعوديّة للإصلاح، إلا أنها تعمّق قمعها. إن الفشل في الطعن في هذه الانتهاكات لن يؤدي إلا إلى تشجيع السلطات السعوديّة وزيادة عمليّات القتل. ويجب على الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة الآخرين الذين يتعاملون مع السعوديّة أن يحمّلوا السلطات مسؤوليّة أفعالهم".
تدعو القسط السلطات السعوديّة إلى اتخاذ خطوات فوريّة لوقف جميع عمليّات الإعدام وإقرار وقف صارم لعقوبة الإعدام، بهدف إلغائها في نهاية المطاف. كما نحث السعوديّة على ضمان التزام نظامها القضائي بالمعايير الدوليّة لحقوق الإنسان، بما في ذلك حظر إعدام القاصرين والأفراد المحكوم عليهم بجرائم غير عنيفة.