تاريخ النشر: 11/08/2023

قبل الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز الذي يبدأ نهاية هذا الأسبوع، راسلت خمس منظمات غير حكومية تركز على حالة حقوق الإنسان في دول الخليج الدوري الممتاز والحكومة البريطانية لتعرب عن قلقها العميق إزاء الاتجاه المتنامي لاستحواذ دول الخليج على أندية الدوري الممتاز وتدعو إلى حظر ذلك الاستحواذ وإلغائه تدريجيا من كرة القدم الإنجليزية.

وفي ظل الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد بقيادة السعودية وامتلاك إماراتيين بوجه خاص لنادي مانشستر سيتي، إضافةً إلى امتلاك سعوديٍّ لنادي شيفيلد يونايتد والاستحواذ القطري المحتمل على مانشستر يونايتد، تعرب المنظمات غير الحكومية، التي ترصد عن كثب حالة حقوق الإنسان في منطقة الخليج، عن قلقها من أن تمنح السلطةُ السياسية والاجتماعية والثقافية المرتبطة بالاستحواذ على أندية الدوري الممتاز تلك الدولَ تأثيرا غير لائق، وتكون غطاءً لها لمواصلة ارتكابها بشكل صارخ انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.

وترحب المنظمات غير الحكومية في رسالتَيها الموجهتين إلى المدير التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز ريتشارد ماسترز، ووزارة الثقافة والإعلام والرياضة، ووزارة الأعمال والتجارة، بالتعزيز الأخير لاختبار مالكي ومديري أندية الدوري الممتاز، فضلا عن الورقة البيضاء للحكومة البريطانية بشأن إصلاح إدارة النادي. ومع ذلك، تشير إلى أنهما لا تحددان معايير موضوعية وقوية بما يكفي للاستحواذ على النادي، وأنهما لا توضحان ما إذا كانتا ستمنعان مستقبلا عمليات الاستحواذ الحكومي على نوادي الدوري الممتاز. ولذلك، تدعو المنظمات رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز والحكومة البريطانية إلى تنفيذ الضمانات اللازمة لمنع استحواذ الأفراد أو الكيانات المعرضة لتأثير الجهات الفاعلة الحكومية عليها أو ذات الصلة بانتهاكات حقوق الإنسان، على أندية كرة القدم الإنجليزية.

وتوضح المنظمات غير الحكومية أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحوذ على نيوكاسل يونايتد في عام 2021 على الرغم من المخاوف المثارة بخصوص السجل الحقوقي للسعودية. ويشمل التراجع المسجَّل في المجال الحقوقي منذئذ إعدام 196 شخصًا في عام 2022 (وهو أعلى معدل منذ عقود)، وصدور موجة من الأحكام بالسجن لفترات طويلة غير مسبوقة بحق أفراد على خلفية نشاطهم السلمي على الإنترنت، والانتهاكات الجارية المتصلة بمشروع نيوم العملاق. 

وقالت دعاء دهيني، وهي باحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: "إن التركيز النسبي على سجل حقوق الإنسان في السعودية أثناء الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد تراجع إلى حد ما منذ ذلك الحين، وشاهدنا في المقابل استمرار سلسلة من الانتهاكات الحقوقية على أرض الواقع، بما فيها أحكام الإعدام بحق الجانحين الأحداث والعقوبات الحبسية المطولة بحق ناشطات في مجال حقوق المرأة مثل الطالبة في سلك الدكتوراه في جامعة ليدز سلمى الشهاب".

ومع أن رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز برّرت الموافقة على استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على النادي بتلقيه مسبقا "ضمانات ملزمة قانونا بأن المملكة العربية السعودية لن تسيطر على نادي نيوكاسل يونايتد"، فإن المنظمات غير الحكومية تشدد على أن صندوق الاستثمارات العامة جزءٌ لا يتجزأ من الدولة السعودية. وتشير إلى مقابلةٍ جرى الكشف عنها في الآونة الأخيرة مع محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان حيث صرح بأن القرارات التي يتخذها مجلس إدارة الصندوق قابلة للإلغاء من الملك السعودي، وإلى النزاعِ القانوني الذي وقع مؤخرا بين بي جي إي تاورز (PGA Tours) وليف غولف (LIV-Golf) المدعوم من الصندوق والذي وصف أثناءه محامو ليف غولف صندوقَ الاستثمارات العامة بأنه "أداة سيادية للمملكة العربية السعودية". 

وقالت لينا الهذلول، رئيسة قسم الرصد والمناصرة في منظمة القسط لحقوق الإنسان: "إن 'الضمانات' التي قدمها صندوق الاستثمارات العامة للدوري الممتاز بخصوص استقلاله عن الدولة السعودية لا تساوي الورقة التي كُتبت عليها، إذ يكفي النظر إلى الشخص الذي يترأسه، وهو ولي العهد بنفسه الذي يمكنه الاعتراض على أي قرار لا يتفق معه. ومن الواضح أن اختبار مالكي الدوري الممتاز لا يصلح للغرض المنشود، وتوجد حاجة ماسة لمراجعته". 

وتتطرق الرسالتان أيضا لمالكي نادي مانشستر سيتي، مجموعة أبو ظبي المتحدة التي يشغل مالكها، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، منصب نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة. وعلى مدار 15 سنة منذ استحواذ مجموعة أبو ظبي المتحدة على النادي، انخرطت حكومة منصور في حملة قمعية مستمرة وشرسة على المعارضة داخل البلد، واعتقلت العشرات من المنتقدين السلميين للحكومة والمناصرين للإصلاح، ولا يزال أغلبهم قيد الاحتجاز التعسفي.

وقال حمد الشامسي، المدير التنفيذي لمركز مناصرة معتقلي الإمارات: "في الوقت الذي يحتفل فيه مالكو مانشستر سيتي بالموسم الذي حققوا فيه ثلاثية تاريخية، يستمر الحبس الانفرادي للمدافعين الإماراتيين عن حقوق الإنسان مثل أحمد منصور لمجرد الدعوة سلميا إلى الإصلاح".

وفي عام 2016، أوردت التقارير بأن السير ريتشارد ليز، رئيس مجلس مدينة مانشستر، وصف المستثمرين الإماراتيين بكونهم "شركاء نموذجيين". ومع ذلك، اتُّهم نادي مانشستر سيتي في الآونة الأخيرة بارتكابه أكثر من 100 انتهاك لقواعد الدوري الممتاز فيما يتعلق بمعلومات النادي المالية على مدى تسع سنوات، بما في ذلك عدم التقيد بقواعد اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

ولفتت رسالتا المنظمات غير الحكومية الانتباه أيضا إلى مستثمرين آخرين تربطهم علاقات وثيقة بدول الخليج لهم صلات قوية بالفعل مع الدوري الممتاز، مما يعكس اتجاها متزايدا في هذا الصدد. ويملك حاليا الأمير السعودي عبدالله بن مساعد آل سعود نادي شيفيلد يونايتد الذي سيلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وتجري حاليا مناقشاتٌ مع الشيخ جاسم بن حمد بن جاسم آل ثاني، وهو أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، للاستحواذ على مانشستر يونايتد، رغم السجل السيئ لقطر في مجال حقوق الإنسان. 

وقال خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان: "إن السماح لجهات فاعلة حكومية ارتكبت انتهاكات جسيمة موثَّقة توثيقا جيدا في مجال حقوق الإنسان، مثل السعودية والإمارات وقطر، باستخدام كرة القدم الإنجليزية في الغسيل الرياضي يشكل خطرًا كبيرًا على نزاهة اللعبة الرائعة. وإذا لم يتخذ الدوري الإنجليزي الممتاز والحكومة البريطانية إجراءات متضافرة، فإن دولا أخرى ذات سجلات حقوقية مشبوهة مماثلة ستسعى إلى أن تحذو حذوها".

مشاركة المقال
الاختراقات والرقابة عبر الإنترنت تلطّخ منتدى الأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت في الرياض
تأكّدت هذا الأسبوع مخاوف بشأن ملاءمة استضافة السعوديّة لمنتدى حوكمة الإنترنت لعام 2024 (IGF)، حيث تم اختراق جلستي نقاش تناولتا قضايا حقوق الإنسان وتم حذف محتواهما لفترة وجيزة من موقع المنتدى.
المجتمع المدني يُطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة قبيل انعقاد منتدى حوكمة الإنترنت
منظمات حقوق الإنسان المُوقّعة أدناه، نحثّ حكومة المملكة العربية السعودي على إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين اعتقلتهم السلطات السعودية بسبب تعبيرهم عن آرائهم على الإنترنت قبل انعقاد منتدى حوكمة الإنترنت 2024 (IG
منح السعوديّة حقوق إستضافة كأس العالم 2034 يعرّض حياة الناس للخطر ويكشف عن التزامات الفيفا الفارغة في مجال حقوق الإنسان
إن تأكيد السعوديّة اليوم على استضافة كأس العالم للرجال 2034، على الرغم من المخاطر المعروفة والشديدة التي تهدّد السكّان المقيمين والعمّال المهاجرين والمشّجعين الزائرين على حد سواء، يمثل لحظة خطر كبير.