تاريخ النشر: 16/08/2023

من لينا الهذلول هي رئيسة قسم الرصد والمناصرة في منظمة القسط، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز حقوق الإنسان في السعودية. خالد الجبري رائد أعمال في مجال التقنية الصحية وطبيب قلب مقيم في الولايات المتحدة. عبدالله العودة هو مدير الأبحاث لمنطقة الخليج في منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن والأمين العام لحزب التجمع الوطني. (ُنشر هذا المقال في واشنطن بوست في 28 سبتمبر 2022)
 

لينا الهذلول هي رئيسة قسم الرصد والتواصل في منظمة القسط، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز حقوق الإنسان في السعودية. خالد الجبري رائد أعمال في مجال التقنية الصحية وطبيب قلب مقيم في الولايات المتحدة. عبدالله العودة هو مدير الأبحاث لمنطقة الخليج في منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن والأمين العام لحزب التجمع الوطني.

نحن الثلاثة ترعرعنا في نفس الحي في العاصمة السعودية الرياض، ولكن حتى وقت قريب، أوجه الشبه كانت قد انتهت هناك. لا يمكن لخلفياتنا أن تكون أكثر اختلافًا: نشأ عبد الله في بيت متدين، وكان والده علّامةً معروفًا. وتبوّأ والد خالد أعلى المراتب في الحكومة السعودية. ومهدت عائلة لينا الطريق لإصلاحات تقدمية.

لم تكن لطرقنا أن تتقاطع على الإطلاق لولا أهواء الحاكم المستبد. ولكن، كحال آلافٍ من السعوديين منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليًّا للعهد، تأثر كل منا بشدة بمستوى من القسوة لا مكان له في القرن الحادي والعشرين.

لا يزال والد عبدالله، سلمان العودة، خلف القضبان في ظروف غير إنسانية بعد خمس سنوات من اعتقاله إثر تغريدة حميدة وحيدة، بينما يُمنع 19 فردًا من عائلته من مغادرة المملكة. اثنان من أشقاء خالد، سارة وعمر، تعرضا للاحتجاز كرهائن من قبل محمد بن سلمان والتعذيب بسبب علاقة والدهما بغريم محمد بن سلمان. شقيقة لينا، لجين، عُذِّبَت وظلت ممنوعة من السفر بعد أن ساعدت في قيادة الحملة من أجل حق المرأة السعودية في قيادة السيارة. يتعرّض أقارب لينا أيضًا لقيود سفر صارمة.

مضت أربع سنوات منذ مقتل الناشط السعودي وكاتب العمود في صحيفة البوست جمال خاشقجي، لكن حملة محمد بن سلمان الشاملة ضد منتقديه السعوديين في الداخل والخارج تسارعت. والآن، كمنفيين سعوديين مدفوعين بمصير عائلاتنا والمواطنين السعوديين مثل خاشقجي، نتّحد في مهمة للوقوف في وجه القمع. نحن نمثل جيلًا جديدًا يصمم على بناء مستقبل أفضل لجميع السعوديين - مجموعة ديناميكية ومتعايشة عانت من عواقب حكم أقلية معزولة ومترفة بشكل كبير. وندعو الغرب، وخاصة الإدارة الأميركية، للانضمام إلينا في قضيتنا.

في تصريحات للرئيس بايدن وقادة غربيين آخرين بشأن التزامهم بتعزيز شراكة صحية مع السعودية، نرى الأمل والخطر معًا. يمكن أن تكون العلاقات الأميركية-السعودية قوة إيجابية، ولكن فقط إذا امتدت إلى ما وراء المبيعات غير المحدودة للأسلحة والخطابات المبهمة تجاه قضايا حقوق الإنسان.


عبر التفاعل المباشر مع الأصوات المعارضة، بما في ذلك العديد من الذين يعيشون في الولايات المتحدة، لن تحصل الإدارة على صورة أكثر وضوحًا عن شريكها الجيوسياسي فحسب، بل ستتمكن أيضًا من تعزيز قوى الديمقراطية التي يتغنّى بها الرئيس كثيرًا.

في الفترة التي سبقت اجتماع بايدن مع محمد بن سلمان في يوليو/تموز، كنا نأمل أن يثير الرئيس علانية قضايا عائلاتنا - وقضايا العديد من الضحايا السعوديين الآخرين - ويلتقي بممثلين من المجتمع المدني. ولكن بدلاً من ذلك، يبدو أن احتضان بايدن لولي العهد الموسوم بتنازلات من طرف واحد قد أدى إلى تأجيج قمع النظام. في الأسابيع الأخيرة، فرضت المملكة أحكامًا صارمة بالسجن على امرأتين، سلمى الشهاب ونورة بنت سعيد القحطاني، بسبب تعبيرهما عن دعمهما للحقوق الأساسية. جاءت هذه الحملة الأخيرة على النقاد السلميين مباشرة بعد أن أعطت إدارة بايدن الضوء الأخضر لمبيعات أسلحة إلى المملكة بمليارات الدولارات.

يصف مسؤولون ومحللون غربيون مصالحة بايدن مع محمد بن سلمان بالأمر الواقع. يجادل كثيرون أننا نعيش في زمن تنافس مع الصين وروسيا، وأن لا يمكننا السماح للسعودية بالانجراف من مدار الولايات المتحدة. ويشيرون إلى إصلاحات محمد بن سلمان الشبابية والاجتماعية ويصرون على أن الحفاظ على الروابط معه هو ثمن ضمان الاستقرار.


ولكن من المؤكد أن الذين يعولون على فكرة أن محمد بن سلمان سيكون شخصية تجلب الاستقرار سيصابون بخيبة أمل. فهو، بعد كل شيء، نفس الرجل الذي خلال سنوات قليلة فقط حاصر قطر، وزُعِم أنه اختطف رئيس الوزراء اللبناني، وهدد وقتل مواطنين سعوديين وغربيين في أراضٍ غربية، واخترق تويتر لمراقبة من اعتبرهم أعداءه السياسيين، وشن حربًا كارثية على اليمن أدت لأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأطلق العنان لموجة من القمع المحلي والدولي. من الضلالة خداع أنفسنا عندما نعتقد أن الانفتاح الشكلي الذي أمر به محمد بن سلمان، كالسماح للسعوديين بحضور المهرجانات الموسيقية، علامة لتقدم حقيقي.

البعيدون منا عن سطوة محمد بن سلمان يُظهِرون أن المجتمع المدني السعودي مستعد للمشاركة في شؤون بلادنا. لقد تفوق جيلنا على النخبة الحاكمة في الخبرة والتعليم، واعتنق الكثير منا القيم العالمية مع الحفاظ على الفخر بتراثنا. والآن نسعى لنيل صوت في شؤون وطننا. نسعى لبناء مجتمع يمنح الحريات الأساسية للجميع، ومستقبل تحكمه حرية الإرادة وسيادة القانون بدلًا من المحسوبيات

وقد أعربت الإدارات الأميركية الأخيرة، الجمهورية والديمقراطية منها، عن دعمها للمجتمعات المدنية في جميع أنحاء العالم وعقدت اجتماعات مع مجموعات مدنية من دول قمعية. إن عدم رغبة إدارة بايدن في فعل الشيء ذاته مخيب للآمال. التعامل المباشر مع شرائح المجتمع السعودي الأكثر تمثيلًا له من الطبقة الحاكمة سيكون قرارًا سياسيًا ذكيًا وخطة محنكة.


لاحظ الناس حول العالم خطاب بايدن البارز حول حقوق الإنسان وانفصاله عن المسار الحالي للمصالحة الأميركية-السعودية. لقد وجه هذا الأمر ضربة لمصداقية الولايات المتحدة. يمكن لبايدن البدء في استعادتها من خلال التعاطي مع المنفيين السعوديين، وتعزيز تمويل الكونغرس لمبادرات المجتمع المدني في المملكة، ورفض تدليل النظام بدعم عسكري شامل - بالأخص عندما لا يقدم محمد بن سلمان أي تعاون متبادل.

إن إدارة بايدن منهمكة في إصلاح العلاقات مع مضطهدينا - ولكن أين أدى بنا ذلك؟ لقد حان وقت إنصات القادة الغربيين للمضطهدين من أجل رسم مسار مستقبلي أكثر استدامة.

مشاركة المقال