بخطوة واثقة نحو العدالة والإنسانيّة، تعلن منظمة القسط لحقوق الإنسان عن انضمامها الرسمي إلى التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، لتُضفي بذلك زخمًا هامًا على الجهود المبذولة لمكافحة الاستخدام المتزايد لهذه العقوبة القصوى في السعوديّة، التي تُعدّ من بين أكثر دول العالم تنفيذًا للإعدامات.
تُعدّ عقوبة الإعدام أقسى أشكال العقاب وأكثرها وحشيّة، وتعترض القسط عليها في جميع الظروف دون استثناء، متوافقة بذلك مع هدف التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في السعي لإلغائها عالميًا. وتكتسب هذه المعركة أهميّة خاصّة في بلدان مثل السعوديّة، حيث تشتهر الإجراءات القضائيّة بتجاهلها الصارخ للضمانات القانونيّة، وتتمتع السلطات بحصانةٍ تامة عن أي رقابة عامة، وتُستخدم عقوبة الإعدام كسلاح سياسي لقمع المعارضين وإسكات الأصوات المنتقدة.
تأسست القسط في عام 2014 على يد المدافع السعودي عن حقوق الإنسان يحيى عسيري، وهي تعمل بلا كللٍ أو ملل لمناهضة عقوبة الإعدام في السعوديّة، وذلك من خلال رصد أحكام الإعدام وعمليات التنفيذ، ومتابعة التطورات القانونيّة ذات الصلة، والتواصل الفعال مع الأفراد المتضررين وعائلاتهم سعيًا لحشد الدعم الدولي لقضيتهم.
إن عضويّة التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام ستُمكّننا من تعزيز وبناء شراكات جديدة مع حلفاء أقوياء ضمن هذه الشبكة الدوليّة الواسعة، التي تضمُ أكثر من 190 منظمة غير حكومية، ونقابات محامين، وسلطات محلية، واتحادات عمالية. ويُقدّم التحالف، الذي تأسس عام 2002، دعمًا حيويًا للمنظمات الأعضاء فيه، كما يُنسّق جهود المناصرة الدوليّة في المعركة العالميّة ضد عقوبة الإعدام. وفي بعض الدول، يهدف التحالف بشكلٍ مباشر إلى تحقيق خفض في أحكام الإعدام وعمليات التنفيذ، كخطوة أولى نحو الإلغاء، لكن يبقى الهدف الأسمى دائماً هو الإنهاء التام لعقوبة الإعدام.
إن هذا العمل ضروري في السعوديّة الآن أكثر من أي وقت مضى، في ظل الأعداد المروعة لعمليات الإعدام في البلاد. فقد شهد عام 2024 رقمًا قياسيًا غير مسبوق في عدد عمليات الإعدام الموثّقة خلال عام واحد، حيث تم تسجيل ما لا يقل عن 345 عملية إعدام. ولا يزال المئات من السجناء المدانين يواجهون خطر الإعدام، بينهم العديد ممن أُدينوا في قضايا غير عنيفة تتعلق بالمخدرات، أو بتهم إرهابية مبهمة، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الرعايا الأجانب والأحداث المتهمين.
لقد حققت حملة مناهضة عقوبة الإعدام في السعوديّة، التي ترتكز على الجهود الشجاعة للناشطين السعودييّن وأفراد عائلات الضحايا، بعض النجاحات الملحوظة البارزة على طول الطريق، بما في ذلك تخفيف عدد من أحكام الإعدام والإعلان عن بعض الإصلاحات، وإن لم تُنفذ بالكامل قط. ورغم محدوديّة هذه الإنجازات، إلا أنها تحمل دلالة بالغة على أهميّة العمل الحقوقي، وقوة التأثير التي يمكن أن تحققها جهود المناصرة التعاونيّة من خلال شبكات مثل التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام.