تاريخ النشر: 02/09/2024

في عام 2013، فرّ المدافع السعودي عن حقوق الإنسان، يحيى العسيري، إلى المملكة المتحدة مع عائلته الصغيرة، طالبًا اللجوء السياسي. وكان يحيى ضابطًا في القوات الجويّة السعوديّة لسنوات، لكنه بدأ في الانخراط عبر الإنترنت، تحت اسم مستعار "أبو فارس"، مع كُتّاب وناشطين سعوديّين آخرين حول مصير بلدهم.

كانت السعوديّة، منذ ما يقرب من 100 عام، ملكيّة مطلقة لا تكرس التمثيل السياسي ولا تحفظ الحريّات. ومع ذلك، مع تزايد عدد السعوديّين الذين بدأوا في المطالبة بحقوقهم الأساسيّة، ولا سيّما بعد انتفاضات الربيع العربي عام 2011، ردّت السلطات بتقييد المساحة المتاحة للانتقاد العام. وقد كان العديد من أصدقاء يحيى وزملائه يتم اعتقالهم ومحاكمتهم، من بينهم أعضاء جمعيّة الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم). وعليه، لم يكن بقاؤه في البلاد آمنًا.

وفي أغسطس 2014، أسّس يحيى، الذي كان وقتها في المملكة المتحدة، منظّمة القسط لحقوق الإنسان ("القسط" تعني "العدالة" باللّغة العربيّة)، بهدف الدفاع عن حقوق الإنسان في السعوديّة وتعزيزها. فقد كان هذا الأمر مستحيلًا داخل السعوديّة، حيث لا يُسمح بالمنظّمات غير الحكوميّة المستقلّة، وكانت السلطات قد حلّت جمعيّة الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم). ومستفيدة من تواجد يحيى في المملكة المتحدة، سعت القسط إلى ربط حركة حقوق الإنسان المحاصرة في السعوديّة بالمجتمع الدولي. وكان مفتاح ذلك هو شبكتها الواسعة من المصادر داخل البلاد، مما مكّن المنظّمة من رصد انتهاكات حقوق الإنسان عن كثب في الميدان، وهي واحدة من الجهات الفاعلة القليلة القادرة على القيام بذلك. يمكن للسعوديّين أن يثقوا في القسط للدفاع عن حقوق الإنسان للجميع، دون تمييز، ويمكن لأصحاب المصلحة الآخرين الاعتماد على دقّة المعلومات.

عملنا

بحلول نهاية عام 2014، كانت القسط تعمل بكامل طاقتها. واستنادًا إلى رصدها الدقيق للأحداث، نشرت المنظّمة تغريدات منتظمة وبيانات وتقارير معمّقة، حيث تسلّط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة. وفي كلّ عام، كانت تقوم بتقييم حالة حقوق الإنسان المقلقة في تقاريرها السنويّة الشاملة. كما وسرعان ما أنشأت قاعدة بيانات للمعتقلين السياسيّين، حيث تصاعد عدد الحالات للأسف، خاصة بعد وصول محمد بن سلمان إلى سدّة الحكم كولي للعهد في يونيو 2017، مما أدى إلى مزيد من القمع وموجات واسعة من الاعتقالات التعسفيّة.

لم تسعى القسط دائمًا إلى توثيق الانتهاكات فحسب، بل سعت أيضًا إلى لفت الانتباه إليها على نطاق أوسع. ومنذ تأسيسها، عزّزت القسط علاقات قويّة مع المنظّمات الشريكة والصحفيّين والسياسيّين. ومع توسّع فريق القسط الصغير ولكن المتفاني تدريجيًّا، نظّمت المنظّمة فعاليّات وأجرت حملات ووضعت برامج للدعوة واسعة النطاق على مستوى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمستوى الوطني، وكذلك مع أصحاب المصلحة الأفراد والشركات. وقد ساعد كل هذا العمل، إلى جانب وجود القسط النشط في وسائل الإعلام، على تحدّي التواطؤ في الانتهاكات وحشد الضغط على السلطات السعوديّة لتحسين سجلّها في مجال حقوق الإنسان.

وقد حقّقت هذه الجهود المتضافرة العديد من النجاحات على طول الطريق، وقد شهدنا أمثلة عديدة على تأثير عملنا الحقيقي. وصحيح أنّ كلّ إفراج عن معتقل رأي، وكلّ حكم بالإعدام تم تخفيفه، وكلّ إصلاح تم الإعلان عنه هي انتصارات صغيرة، إلا أنها ثمينة.

يفتخر فريق القسط بالاعتماد على مجهودات حركة حقوق الإنسان البطوليّة في السعوديّة. لقد سعوا دائمًا إلى نشر العمل الشجاع للمدافعين السعوديّين عن حقوق الإنسان، وكذلك ترشيحهم بنجاح لجوائز دوليّة مثل جائزة رايت لايفليهود وجائزة خوزين بينينغ - وفي عام 2020، حصلت القسط على جائزة خاصّة بها، جائزة ويليام د زابيل لحقوق الإنسان المرموقة من منظّمة هيومن رايتس فيرست، تقديرًا لمساهمتها.

نحن ممتنّون للغاية لجميع من لعب دورًا في رحلتنا على مرّ السنين، من بينهم الموظّفين والمتطوّعين وأعضاء المجلس والمنظّمات غير الحكوميّة والجهات المانحة والمناصرين وكلّ من اتّخذ موقفًا داعمًا لحقوق الإنسان. وأولئك الذين للأسف لم يعودوا معنا، من بينهم مديرتنا التنفيذيّة الراحلة آلاء الصديق، باقون في قلوبنا وعقولنا.

تطلّعاتنا إلى المستقبل

بينما نفكّر في السنوات العشر الماضية، فإننا نركّز بشكل كبير على المستقبل. وفي ظلّ بيئة من القمع المتزايد في السعوديّة، لا يزال عملنا في مجال الرصد ضرورة حاسمة كما كان دائمًا كأساس لاتخاذ إجراءات متابعة. كما لا يزال يتعيّن علينا القيام بالكثير من العمل لتغطية نطاق الانتهاكات على أرض الواقع اليوم، وكذلك الاستجابة للمطالب الناشئة لإجراء حملات حول القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة والحقوق البيئيّة.

نحن نواجه حالة عالميّة صعبة حيث يتمتع قادة السعوديّة بقبول دبلوماسي متزايد على الرغم من تاريخهم في الانتهاكات الحقوقيّة. وهذا الأمر يعني أننا بحاجة إلى مواصلة وتوسيع جهودنا في المناصرة والدعوة، من خلال القنوات التقليديّة مثل الأمم المتحدة وكذلك بشكل متزايد في عالم الأعمال، حيث تسعى السعوديّة إلى الاستثمار الأجنبي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي يستثمر بشكل كبير في الشركات العالميّة والرياضة والترفيه والمشاريع العملاقة مثل مدينة نيوم.

في بلد تم فيه القضاء على المجتمع المدني تقريبًا وانتشار المعلومات المضلّلة، اكتسبت الرواية الإصلاحيّة الجوفاء للسلطات السعوديّة قبولًا في بعض الأماكن، وثمّة حاجة إلى تفكيكها وكشف حقيقة حكم محمد بن سلمان. كما ويتمثّل مجال جديد نسبيًّا من مجالات عمل القسط في تسهيل المشاركة في الخطاب العام حول القضايا ذات الصلة بالجمهور السعودي. ويُعدّ دور مجتمع المغتربين السعوديّين المتنامي باستمرار أمرًا بالغ الأهميّة في هذا الصدد، حيث يفرّ العديد من السعوديّين من بلدهم بحثًا عن الأمان والحريّة، كما أظهر أحدث تقرير لنا.

شاركوا في حملة ذكرانا السنويّة

اعتبارًا من اليوم، 2 سبتمبر 2024، وكذلك على مدار الشهر ولبقيّة العام، سنقوم بسلسلة من الأنشطة للاحتفال بذكرانا السنويّة، بما في ذلك مشاركة مقاطع فيديو من الموظّفين والشركاء وأمثلة على عملنا. نحن ندعوكم للمشاركة ولدعمنا خلال هذه الفترة بأي طريقة ممكنة، مثل:

  • مشاركة رسالة أو مقطع فيديو على منصّة تويتر/إكس وغيرها من منصّات التواصل الاجتماعي، باستخدام الوسم #القسط_10_سنوات
  • الاشتراك في نشرتنا الإخباريّة الأسبوعيّة
  • التبرّع لدعم عملنا
  • اتخاذ إجراءات بشأن أي من الحالات أو القضايا الفرديّة التي نعمل عليها

للتعرّف أكثر على عملنا، اقرأ شرح غلوبال سيتيزين. أو لمناقشة كيفيّة تقديم المساعدة أو التعاون بمزيد من التفصيل، فيُرجى التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني: contact@alqst.org.

مشاركة المقال
القسط ترحب بمديرتها التنفيذية الجديدة جوليا ليغنر
يسر القسط الإعلان عن تولي رئيسة قسم الدعم جوليا ليغنر منصب المديرة التنفيذية ابتداءً من 3 يناير 2023، مع تنحي المدافع عن حقوق الإنسان العماني البارز نبهان الحنشي.
ببالغ الحزن تنعى منظمة القسط وفاة مديرها التنفيذي آلاء الصديق
ببالغ الحزن تنعى منظمة القسط الموت المفاجئ لمديرها التنفيذي ورمز للحراك الحقوقي الإماراتي آلاء الصديق يوم السبت 19 يونيو 2021 في حادث مروري.
ترحب القسط بمديرتها الجديدة صفاء الأحمد
ترحب القسط بمديرتها المكلفة الجديدة الصحفية والمخرجة السعودية صفاء الأحمد منذ 20 أكتوبر 2020، شاكرين يحيى عسيري مؤسس القسط على ما أنجزه خلال فترة ترأسه للمنظمة.