تاريخ النشر: 23/12/2025

في 12 ديسمبر 2025، جمع المؤتمر السنوي لمنظمة القسط، الذي يُعقد تقليديًا تزامنًا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نشطاء وخبراء وأكاديميّين وصحفيّين لصقل استراتيجيّة مشتركة لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بالمساءلة في السعوديّة خلال عام 2026. يمكنكم الاطلاع أدناه على بعض أبرز محطات هذا اليوم، أو مشاهدة الفيديو هنا.

الجلسة الإنجليزية 

تحدّثت دانيا العقاد، نائبة رئيس التحرير في موقع Declassified UK والمحررة السابقة للتحقيقات الاستقصائيّة في ميدل إيست آي، عن التحديات التي يواجهها الصحفيون عند تغطية الشأن السعودي. وأبرزت صعوبة التحقق من المعلومات، التي يصل كثير منها عبر مصادر غير مباشرة من الدرجة الثانية أو الثالثة، إضافةً إلى الحاجة الملحّة لحماية المصادر من أعمال انتقاميّة في مناخ يسوده الخوف والقمع المستمر. وأشارت إلى أنه، رغم صعوبة رصد النجاحات في دولة سلطويّة مثل السعوديّة، حيث يأتي التقدّم غالبًا بشكل تدريجي، فقد تحققت بعض المكاسب اللافتة. ومن بين هذه المكاسب تأمين زيارات قنصليّة، وتخفيض أحكام قضائيّة، وانسحاب شركات من مشروع نيوم العملاق، وذلك في أعقاب أبحاث أجرتها القسط والتغطية الإعلامية اللاحقة لها.

وتحدّث جيمس لونش، المؤسّس المشارك والمدير المشارك لمنظمة فير سكوير، عن القمع العابر للحدود الذي تمارسه السلطات السعوديّة. وأعرب عن قلقه من أن حكومات الدول المضيفة، والمملكة المتحدة مثالًا بارزًا على ذلك، كثيرًا ما لا تأخذ على محمل الجد ما يتعرض له أفراد الجاليات السعوديّة في الخارج من قمع، كما تفشل في جمع البيانات المتعلقة بالحوادث المتكررة ذات المستوى المنخفض، والتي من شأنها أن تكشف عن أنماط أوسع وأكثر منهجيّة. وأوضح أن السلطات السعوديّة، إلى جانب الأفعال التي تُنفَّذ على أراضٍ أجنبية، تمارس أيضًا ضغوطًا على السعوديّين في الخارج من خلال تهديد عائلاتهم داخل البلاد، ما يخلق مناخًا من الترهيب ويؤدي إلى أثر ردعي خانق. واعتبر لونش أن اغتيال جمال خاشقجي شكّل إشارة واضحة إلى المدى الذي كان محمد بن سلمان مستعدًا للذهاب إليه لإسكات الأصوات المعارضة، إلا أنه، وبعد تداعيات سلبية كبيرة كلّفته جهدًا ووقتًا لإصلاحها، انتقل إلى نمط يعتمد على المضايقات المتكررة منخفضة الحدة. وأشار بدوره إلى أنه في وقت سابق من هذا العام، قدّمت منظمات فير سكوير والقسط ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية أدلة إلى اللجنة البرلمانية المشتركة لحقوق الإنسان في البرلمان البريطاني، وذلك في إطار تحقيقها بشأن القمع العابر للحدود.

وتحدّثت مريم الدوسري، عضوة مجلس إدارة القسط، والمحاضِرة الأولى في جامعة رويال هولواي، والناطقة باسم حزب "ناس"، عن الدور الحيوي الذي يضطلع به الناشطون السعوديّون. وأوضحت أن العمل كناشط سعودي في الخارج ليس بالأمر السهل، غير أن كثيرين لا يملكون خيارًا آخر، إذ يتيح لهم ذلك على الأقل التعبير عن آرائهم دون الخوف من الاعتقال. وسلّطت الضوء على أن الناشطات السعوديّات، على وجه الخصوص، يواجهن مضايقات مستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك هجمات ذات طابع جنسي وشتائم قائمة على كراهية النساء. وأشارت إلى أن هذا الضغط المتواصل لا يلين، وقد يتحول إلى عبء مُنهك يعيق القدرة على الاستمرار، إذ لا توجد وسيلة للانفصال الكامل أو "إطفاء" هذا الواقع. وفي ظل الانفصال عن الأسرة والخضوع للمراقبة الرقميّة، يبقى الإيمان بأنهن يتحدثن باسم من لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم هو الدافع الذي يمكّنهن من المضي قدمًا.

وقالت الدوسري إن "تمكين المرأة" يُقدَّم بوصفه محورًا أساسيًا في سردية رؤية 2030، ويجري الترويج له من خلال نماذج رمزية مثل "أول سفيرة" أو أول امرأة تتسلق جبلًا، غير أن هذه الأمثلة لا تعكس واقع الغالبيّة العظمى من النساء السعوديّات. وأشارت إلى أن السلطات تتباهى بزيادة معدلات توظيف النساء، إلا أن هذا الارتفاع تحقق إلى حدٍّ كبير ضمن نطاق محدود من القطاعات التي يهيمن عليها الرجال، حيث تواجه النساء في كثير من الأحيان ظروف عمل سيئة ومضايقات متكررة، وفقًا لما تؤكده منظمات حقوق الإنسان. وجادلت بأن الأولويات الملحّة للنساء في السعوديّة تشمل إلغاء نظام الأحوال الشخصيّة الذي يجرّم "عصيان" المرأة بصيغة غير محدّدة، والسماح للمنظمات غير الحكومية المستقلة بإدارة مراكز إيواء آمنة بدلًا من دار الرعاية، وضمان توفير حماية قانونيّة حقيقيّة وفعّالة من العنف.

كما وتحدّثت جوي شيا، الباحثة المختصة بشؤون السعوديّة والإمارات العربية المتحدة في هيومن رايتس ووتش، عن دور المنظمات غير الحكومية الدوليّة في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان. وأوضحت أن المنظمات الحقوقية الدوليّة الكبرى تعتمد على معلومات وتحليلات تقدّمها مجموعات قريبة من الأشخاص المتأثرين مباشرة على الأرض، في حين تستفيد المنظمات الأصغر من الانتشار الأوسع والنفوذ الإعلامي الذي تتمتع به المنظمات الكبرى، ما يجعل الشراكات بين الطرفين ذات فائدة متبادلة. وسلّطت الضوء على أن حملات المناصرة المرتبطة بـمهرجان الرياض للكوميديا نجحت في استقطاب اهتمام إعلامي بقضايا حقوق الإنسان في السعوديّة، لكنها أخفقت في إقناع المشاهير بالمطالبة بالإفراج عن مناهل العتيبي. وفي حين أشارت إلى أن منظمات كبرى مثل منظمة العفو الدوليّة وهيومن رايتس ووتش فعّالة في الوصول إلى وسائل الإعلام التقليديّة، أكدت شيا أن النقاشات حول محاولات السلطات تلميع صورتها عبر مثل هذه الفعاليات باتت تجري بشكل متزايد على منصات مثل تيك توك، وأن على المنظمات غير الحكومية تعزيز حضورها والتواصل بشكل أفضل داخل هذه المساحات الرقميّة.

إضافةً إلى ذلك، سلّطت جوليا ليغنر، المديرة التنفيذية للقسط، الضوء على الموقع الفريد الذي تحتله المنظمة، إذ تنطلق من جذورها داخل المجتمع السعودي، مع تمركزها في لندن، ما يتيح لها العمل باستقلاليّة مدعومة بشبكات الجاليات السعوديّة في الخارج. وأوضحت أن القسط تقوم بتوثيق وأرشفة انتهاكات حقوق الإنسان، وتشارك نتائجها مع المؤسّسات الدوليّة، كما تحافظ على الأدلة تمهيدًا لاستخدامها في مسارات المساءلة المستقبليّة. وبالنسبة لعام 2026، أشارت إلى أن القسط ستركّز على عدد من الأولويات، من بينها تعزيز الربط بين قطاع الأعمال وحقوق الإنسان عبر مساعدة الشركات على إجراء العناية الواجبة؛ والنهوض بحقوق المرأة، ولا سيما في ما يتعلق بقوانين "العصيان" والعنف الأسري؛ إضافةً إلى دعم الجاليات السعوديّة في الخارج من خلال تقديم المساعدة لطالبي اللجوء الجدد وتدريب الجيل القادم من المدافعين عن حقوق الإنسان.

وبالتالي، استعاد يحيى عسيري، أحد أبرز المدافعين السعوديّين عن حقوق الإنسان ومؤسّس القسط، الخلفيّة التي رافقت تأسيس المنظمة عام 2014. وأشار إلى الأهميّة التي لعبتها المنتديات الإلكترونيّة في العقد الأول من الألفيّة الجديدة، حيث استخدم هو وآخرون حسابات مجهولة لمناقشة قضايا مثل الفقر والبطالة والقمع السياسي. وبيّن أن تطورات مفصليّة أسهمت في تشكيل مساره النضالي، من بينها عريضة ديسمبر 2003 التي وقّعها أكثر من مئة إصلاحي سعودي، ونشاط ما عُرف بـ"إصلاحيي جدة"، وتأسيس منظمات حقوقية سعوديّة مثل الجمعية السعوديّة للحقوق المدنية والسياسية، إضافةً إلى التأثر بتجربة نشطاء شيعة في المنطقة الشرقية استلهموا حراكهم من حركة حقوق الإنسان في البحرين. ومع تصاعد مطالب السعوديّين بالحقوق الأساسيّة عقب انتفاضات الربيع العربي عام 2011، شددت السلطات القيود واعتقلت العديد من النشطاء، بمن فيهم أعضاء الجمعية السعوديّة للحقوق المدنية والسياسية. وفي عام 2013، غادر عسيري إلى المملكة المتحدة، حيث أدرك الحاجة الملحّة إلى إنشاء منظمة في الخارج قادرة على دعم والبناء على الجهود التي بذلها رواد النضال الحقوقي السعودي داخل البلاد.

إلى جانب ذلك، تحدّثت كاترينا فريزر، الباحثة المتخصّصة في حقوق العمال المهاجرين في مركز الأعمال وحقوق الإنسان، عن الانتهاكات المنهجيّة التي يتعرض لها العمال المهاجرون في السعوديّة، بما في ذلك سرقة الأجور، والعمل القسري، وضعف معايير الصحة والسلامة المهنيّة. وسلّطت الضوء على تقرير المركز المعنون "عوملنا كما لو كنا آلات"، الذي يتناول أوضاع العمال المهاجرين الذين يشغّلون مشاريع التحول الطاقي في المملكة. وأوضحت أنه، رغم الترويج لمشاريع مثل نيوم للهيدروجين الأخضر بوصفها "مستدامة"، فإنها تشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وشدّدت فريزر على أن بإمكان الشركات استخدام مبدأ المشروطيّة للدفع نحو التغيير، من خلال الإعلان عن الانسحاب "إذا" لم تُعالج الانتهاكات، أو عدم المضي قدمًا في المشاريع "ما لم" يتم الالتزام بالمعايير المطلوبة. كما أكدت أن على الشركات والمستثمرين إجراء عمليات عناية واجبة صارمة تتمحور حول العمال المهاجرين، والتواصل مع النقابات في بلدانهم الأصليّة، والبقاء على قدر عالٍ من اليقظة إزاء المخاطر المرتبطة بسلاسل التعاقد من الباطن.

وفي جلسة الأسئلة والأجوبة، تناول المتحدثون مسألة كأس العالم 2034 المرتقب. ورغم أنهم لم يعارضوا البطولة من حيث المبدأ ولم يدعوا إلى مقاطعتها، شددوا على أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ما كان ينبغي له منح تنظيمها للسعوديّة نظرًا لخطورة مخاطر حقوق الإنسان القائمة، مؤكدين ضرورة عدم السماح للسلطات باستخدام الحدث كأداة لتلميع صورتها. وفي الوقت نفسه، أبرز التناقض الصارخ بين المشاريع العملاقة الباذخة التي ترعاها الدولة، مثل منتجع تروجينا للتزلج، وبين المشكلات اليومية التي يعاني منها المواطنون السعوديّون العاديون، كالفقر وضعف البنية التحتيّة، بوضوح أن مشاريع الاستعراض هذه لا تمثل استخدامًا مسؤولًا للثروة الوطنية. وعلى صعيد المناصرة، أشار المتحدثون إلى أن الحكومة البريطانية أبدت ترددًا في معالجة قضايا حقوق الإنسان في منطقة الخليج، مفضّلة التركيز على النمو الاقتصادي القائم على الصادرات، وهو توجه كان مكثفًا في ظل حكومات حزب المحافظين واستمر لاحقًا في عهد حزب العمال. وأخيرًا، وفي ما يتعلق بالوضع المتدهور الراهن في السعوديّة، شدّد المتحدثون على أن عمل النشطاء يُحدث بالفعل فرقًا. فالصراع بين الصواب والخطأ مستمر، ومن الضروري البقاء إلى جانب الصواب، مع الاحتفاء بكل خطوة صغيرة تُحرَز على طريق التقدم.

الجلسة العربية 

خالد إبراهيم، رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان وعضو المجلس الاستشاري لمنظمة القسط، استهل مداخلته بالحديث عن التردي الحاد والممنهج في أوضاع حقوق الإنسان بدول الخليج، موضحًا أن ما تشهده المنطقة ليس مجرد تراجع عابر أو أخطاء متفرقة، بل هو نتاج سياسات رسمية طويلة الأمد هدفت بشكل مباشر إلى تحييد المدافعين عن حقوق الإنسان وإفراغ المجال العام من أي صوت مستقل. وأشار إلى أن الجيل الأول من الحقوقيين في الخليج دفع ثمنًا باهظًا لنشاطه، حيث تعرض أفراده لمختلف أشكال الانتهاكات، من السجن التعسفي، والمنع من السفر والعمل، والملاحقات الأمنيّة والقضائيّة، وصولًا إلى القتل في بعض الحالات، ما أدى إلى كسر هذا الجيل وإضعاف البنية الحقوقيّة التقليديّة. وفي ظل هذا الواقع القاتم، شدّد خالد على أن الرهان اليوم يجب أن يكون على جيل الشباب، ليس فقط لتعويض الفراغ، بل لإعادة بناء الحركة الحقوقيّة بأدوات جديدة وأساليب أكثر مرونة. وأكد أن آليات حقوق الإنسان الكلاسيكيّة، سواء الدوليّة أو الإقليميّة، لم تعد كافية أو مؤثرة أمام حكومات لا تلتزم بالقانون الدولي ولا تعير أي اهتمام للمساءلة، ما يستدعي تطوير استراتيجيات مبتكرة في العمل الحقوقي تتناسب مع طبيعة الأنظمة القائمة.

أما جواد فيروز، رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان وعضو مجلس النواب البحريني السابق، فقد عاد بالحضور إلى الجذور التاريخيّة للنضال البحريني، مستعرضًا مسار الشعب البحريني منذ الاستقلال عن بريطانيا في سعيه لبناء دولة تقوم على الحقوق والمؤسّسات وسيادة القانون. وأكد أن ما تحقق من مكتسبات سياسيّة وحقوقيّة لم يكن منحة من السلطة، بل جاء نتيجة جهود طويلة للإصلاحيّين والحركات الشعبية. غير أن هذا المسار، بحسب فيروز، تعرض لانتكاسة عميقة مع تصاعد القمع، حيث بدأت السلطات البحرينية بسياسات التضييق الممنهج على المواطنين والنشطاء، شملت الاعتقال، وسحب الجنسيات، وملاحقة المعارضين، وحتى استهداف البرلمانيين السابقين، وهو ما عايشه شخصيًا. كما سلط الضوء على الدور الإقليمي السلبي، مؤكدًا أن السعوديّة والإمارات وبقية دول الخليج لعبت دورًا محوريًا في إفساد الحالة الحقوقية في البحرين، لا سيما خلال ثورة 2011، عبر التدخل العسكري والأمني والمشاركة المباشرة في قمع الحراك الشعبي، ما أدى إلى تعقيد الأزمة وتحويلها من شأن داخلي إلى نموذج للتدخل الخليجي في قمع مطالب الشعوب.

وقدّمت الدكتورة مريم الدوسري، الأكاديميّة السعوديّة وعضو مجلس إدارة القسط، قراءة نقدية معمقة لطبيعة العمل الحقوقي في السعوديّة، مركزة على الدور المنوط بالنشطاء في ظل بيئة سياسيّة مغلقة. وأكدت أن العمل الحقوقي، رغم كل القيود، لا يزال يحقق أثرًا ملموسًا، حتى وإن لم يصل إلى المستوى المرجو بسبب غياب الإرادة السياسيّة للاستجابة. وتوقفت بشكل خاص عند قضية المرأة، موضحة أن إدخال النساء إلى سوق العمل تم بوتيرة سريعة وتحت شعارات الإصلاح، لكنه لم يُدعّم بإطار قانوني متكامل يحمي حقوق النساء في بيئة العمل. ونتيجةً لذلك، أصبحت المرأة تواجه ضغطًا مزدوجًا، بين أعراف اجتماعيّة تقليديّة وانتهاكات مهنيّة، في ظل ضعف التشريعات وآليات المحاسبة، ما جعل خطاب "التمكين" شكليًا أكثر منه حقوقيًا. كما تطرقت إلى مشروع "ذا لاين"، ووصفت الطرح بأنه غير واقعي ومفصول عن السياق الاجتماعي والاقتصادي، مشيرة إلى أن تقرير فايننشال تايمز كشف كثيرًا من الحقائق التي غيّبتها الدعاية الرسميّة، بما في ذلك تورط شركات استشاريّة دوليّة دخلت المشروع بدافع الربح رغم إدراكها لعدم قابليته للتنفيذ. وفي ختام مداخلتها، شدّدت على ضرورة الانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي والمؤسّسي، مؤكدة أن الحقوق ليست منحة من السلطة، بل معرفة يجب أن يمتلكها المجتمع، لأن الوعي بالحق هو الخطوة الأولى لحمايته والدفاع عنه.

وركز يحيى عسيري، مؤسّس منظمة القسط وعضو مجلس إدارتها، على أهميّة العمل الحقوقي كأداة استراتيجيّة لتغيير المشهد الخليجي على المدى الطويل. وأوضح أن القمع الواسع في السعوديّة جعل مجرد التعبير عن الرأي مخاطرة حقيقية، لكن هذا الواقع لم يُلغِ الحاجة إلى العمل الحقوقي، بل جعل وجوده أكثر إلحاحًا. وأكد أن الدفاع عن حقوق الإنسان لا يهدف إلى الوصول للسلطة أو منافستها، بل هو موقف أخلاقي وإنساني يسعى لحماية الكرامة الإنسانية، وتوثيق الانتهاكات، وكشفها للرأي العام المحلي والدولي. كما شدد على أهميّة ربط الداخل بالخارج عبر المنظمات الدوليّة ووسائل الإعلام، معتبرًا أن غياب هذا الجهد كان سيؤدي إلى مستويات أشد من القمع والانتهاكات. وأشار إلى أن العمل الحقوقي مسار طويل يتطلب صبرًا واستمراريّة، وأن التضحيات فيه يجب أن تنبع من الإيمان بالمبدأ لا من انتظار نتائج سريعة أو اعتراف رسمي.

واختتم أحمد الشيبة، الحقوقي الإماراتي ورئيس المركز العالمي للأبحاث والتطوير، المداخلات بالحديث عن التحالف الخليجي لقمع الحالة الحقوقيّة، مع تركيز خاص على الدور الذي تلعبه الإمارات. ووصف الواقع الإماراتي بأنه نموذج صارخ لـ"انفتاح اقتصادي يقابله انغلاق سياسي"، حيث تُقدَّم الدولة عالميًا كنموذج للتسامح والاستقرار، في حين تكشف الوقائع عن انتهاكات جسيمة، تشمل الاعتقال التعسفي، وسحب الجنسيات، والمحاكمات غير العادلة، بل ووفاة معتقلين داخل السجون دون تحقيقات مستقلة أو شفافة. وأوضح أن التعاون الأمني الخليجي لم يُبنَ لحماية المجتمعات، بل تحوّل إلى أداة لتبادل القمع والملاحقة، مع تشويه المطالب الحقوقية السلميّة وتحويلها إلى تهم بالإرهاب أو العمالة للخارج. وأكد أن المطالب التي رفعها المواطنون الإماراتيون كانت في جوهرها إصلاحيّة وتسعى لتطوير الدولة سياسيًا وحقوقيًا، لكن الرد الرسمي عليها كان القمع الشامل. وفي هذا السياق، وجّه دعوة مباشرة للمجتمع إلى كسر حاجز الخوف، مؤكدًا أن الصمت لا يحمي المستقبل، وأن قوة الدول الحقيقية لا تُقاس بالقبضة الأمنيّة، بل بقدرتها على الإصلاح والاستماع لمواطنيها واحتواء اختلافاتهم بدل إخضاعهم.

مشاركة المقال
نداء القسط الرمضاني
في شهر رمضان هذا العام، تُطلق القسط نداءً لدعم عملنا الحيوي في الدفاع عن حقوق الإنسان في السعوديّة. ويأتي هذا في وقت حرج، وسط موجة من الإفراجات الأخيرة عن معتقلي الرأي في أعقاب حملات مناصرة مستمرة.
​​القسط في 10 سنوات من العمل: قصّة منظّمة سعوديّة فريدة (حتى الآن)، 2014-2024
أكملت القسط الآن 10 سنوات منذ تأسيسها. نفخر بعملنا الهام في تكريس حقوق الإنسان في السعودية والدفاع عنها، ونشكر كل من ساهم وشارك في أعمالنا ومشاريعنا خلال هذه السنين.
القسط ترحب بمديرتها التنفيذية الجديدة جوليا ليغنر
يسر القسط الإعلان عن تولي رئيسة قسم الدعم جوليا ليغنر منصب المديرة التنفيذية ابتداءً من 3 يناير 2023، مع تنحي المدافع عن حقوق الإنسان العماني البارز نبهان الحنشي.