أن تكون معاقًا في السعودية، قد يكون كأن تكون سجينًا بلا قضبان
الثالث من ديسمبر 2016، اليوم العالمي لذوي الإعاقة
فشلت السلطات السعودية في الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين المعاقين في المملكة والخدمات غير كافية، وتعاني نقصا في التمويل، ولم يعطوا حقهم بشكل كافي في الكرامة والمساواة والحصول على المشاركة في المجتمع، كما تحتفل الأمم المتحدة بالذكرى السنوية العاشرة لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة - التي وقعت عليها المملكة العربية السعودية في عام 2008 -
القسط تلقي الضوء على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد، من الناحية النظرية، وعلى أرض الواقع.
الأبحاث المستقلة محدودة في القضايا المتعلقة بالإعاقة في المملكة العربية السعودية، كما أن البيانات شحيحة وغير مكتملة، ولكن مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يقول أن حوالي 10٪ من ما يقرب من خمسة ملايين طالب مسجلين في المدارس السعودية - وهذا يعني أن ما يصل إلى 500،000 طفل - قد يعانون من إعاقات التعلم، وتراوحت تقديرات للعدد الإجمالي للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء المملكة إلى ماقد يزيد عن الأربعة ملايين، وهذا ما يتوقف على التعاريف المستخدمة لوصف الإعاقة، وتعد الأسباب الرئيسية للإعاقة في المملكة العربية السعودية هي الشلل الدماغي، وحوادث المرور على الطرق، والسكتات الدماغية، والأمراض الوراثية المرتبطة بالزواج بين الأقارب من الدرجة الأولى. ومع أن السلطات السعودية قد أقرت سياسات وقوانين تدعم المساواة في الحقوق للأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أنها تفتقر للتطبيق ولآليات العمل الحقيقي على الأرض، ولا يتم تمويل ودعم هذه الأنظمة بشكل فعال. فالخدمات المقدمة على الأرض هي منقوصة بشكل رهيب، وغالبا ما يكون من الصعب جدًا لعدد كبير من المعاقين الحصول على الرعاية المخصصة لهم. كما أن هنالك نقص في القدرات في المستشفيات على توفير وحدات متخصصة في إعادة التأهيل، والمرافق غالبًا دون المستوى المطلوب.
وفي عام 2012 أدت سلسلة من الفضائح المتعلقة بالاعتداء على الأطفال والبالغين المعاقين في مراكز التأهيل الحكومية إلى إجراء تحقيق من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، وإقالة بعض العاملين في مجال الرعاية، وقدمت تعهدات بزيادة مستويات الرقابة ولكن دون تطور ملحوظ. وقال مصدر للقسط أن مستوى الرعاية الصحية والخدمات الطبية وفي مراكز التأهيل الحكومية هو غاية في السوء، وعدد محدود جدًا من المراكز التي تقدم رعاية لائقة، أما المراكز الخاصة فهي مكلفة للغاية وغير مناسبة إطلاقٍا لذوي الدخل المتوسط، كما أن القيود المشددة على المجتمع المدني، وتدخل السلطة المكثف على عمل الجمعيات أثر بشكل ملحوظ على عدم وجود مراكز مستقلة تمامًا ومتقدمة لمساعدة ذوي الإعاقة.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالته هذا العام بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة حث الحكومات والشركات والجميع للعمل من أجل وضع حد للتمييز وإزالة "العقبات التي تمنع الأشخاص ذوي الإعاقة من التمتع بحقوقهم المدنية والسياسية ومن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "
- هذه الحقوق التي يحرم منها الكل في المملكة العربية السعودية. نظام رعاية المعوقين في المملكة العربية السعودية الذي صدر بموجب المرسوم الملكي بالرقم (م/37) والتاريخ 23/9/1421هـ (2000) تجاهل هذه الحقوق بشكل كامل، وركز فقط على الوقاية من الإعاقة والرعاية والتأهيل - مع خطط مفصلة بيروقراطية لتنسيق هذه الخدمات، وأغفل تماما القضايا المتعلقة بكرامة ذوي الإعاقة، وسهولة الوصول والحق في المشاركة في جميع المناحي الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، وبهذا فإن الحرمان من هذه الحقوق الأساسية يخلق مزيدا من العقبات في حياة كريمة، وتعطيل في حد ذاته. في الرياض العاصمة التي تحظى بخدمات أفضل من المناطق الأخرى، يقول شاهد للقسط واصفا تجربته الخاصة، أن العيش مع الإعاقة في المملكة العربية السعودية مثل أن يكون الإنسان في سجن حقيقي ولكن دون قضبان، حتى في العاصمة، وقال: من المستحيل التنقل عبر الأرصفة، وكذلك الذهاب إلى المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم، و 90٪ من المساجد والمدارس ومعظم الجامعات لا يستطيع المعاق الوصول إليها بمفرده، ونتيجة لذلك، يضطر الناس ذوي الإعاقة المتعلقة بالحركة إلى الإغلاق على أنفسهم في المنازل والعزلة عن مجتمعاتهم والعالم الخارجي.
كما أن الوضع ليس أفضل بكثير لذوي الإعاقات الحسية، مثل الإعاقات السمعية والبصرية، أمٌ لاثنين من هؤلاء الأطفال المعاقين قالت للقسط، أنها لم تتلق أي دعم للتعامل مع الاحتياجات الخاصة لطفليها، وقالت إنها وجدت صعوبة في تعليمهم وأن البعض يجد صعوبة في الحصول على قبول في المدارس، وأضافت أن إعاقتهما ليست شديدة ليلتحقوا بالمدارس الخاصة بالصم والعمي، ولكن الطاقم التعليمي في المدارس الحكومية لم يتم تدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع هذه الحالات، وهم أيضًا يعانون في التعامل مع حالات ليست من اختصاصهم، بعض المعلمين يتعامل معهم وفق عواطفه وقيمه، ولكن البعض الآخر قد لا يستحضر هذه العواطف والقيم في حين لايوجد تدريب وليس هذا من تخصصه. وفي العام 2015 أعلنت السلطات السعودية عن مبادرة جديدة لدمج الأطفال المعاقين في مدارس التعليم العام، وذلك تمشيًا مع النظام التعليمي العالمي المتطور، ومع هذا، فإن نشطاء حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية يؤكدون أن المدارس لا تطبق التعليمات المعلنة من وزارة التربية والتعليم في هذا الصدد، ويواجه الأطفال صعوبات وتعقيدات يكونون فيها ضحية لخلل إداري ومالي. وهناك أمثلة من التقدم لدى بعض الجهات للتعامل مع ذوي الإعاقة، ومن ذلك ماسجل من تقدم في قسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود، على سبيل المثال. ولكن عموما، تقاعس السلطات وعدم وجود إرادة واضحة لتنفيذ القوانين التي أقرتها السلطات، أو إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي انضمت لها، يعكس حجم إخفاق السلطات في إعطاء ذوي الإعاقة بعض حقوقهم مع توفر الموارد والقدرة الاقتصادية لدعم هذه الشريحة الهامة من المواطنين، ليحصلوا على الأقل على حياة متساوية مع بقية المواطنين والمقيمين في المملكة وإن كانت الحقوق بشكل كامل منتقصة للجميع إلا أن المعاقين يعانون أكثر من غيرهم.