أطلقت القسط اليوم، 11 مارس 2022، وحدة الحقوق الرقمية، وهي وحدةٌ جديدةٌ تستهدف دعم مستخدمي الإنترنت داخل وخارج السعودية، في إطار مواصلة حكّام البلاد قمع الحريات الأساسية على الإنترنت.
فمع تزايد نطاق قمع السلطات السعودية على الإنترنت تدريجيًّا في السنوات الماضية، بتكميم الأفواه وفرض الرقابة أو كأداة لنشر الدعاية، ازداد التهديد على أمن مستخدمي الإنترنت.
والسعودية لديها أكبر عدد من المستخدمين النشطين للإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصًا بين الشباب الذين يشكلون أغلبية السكان، وفي حين كان التصور الشائع عن الإنترنت هو تلك المساحة الحرّة الممكن للناس التعبير عن آرائهم ومناقشة آراء الآخرين بنحو لم يتوفر في الفضاءات العامة التقليدية، اتضح مع مرور السنوات عزم السلطات السعودية على تضييق تلك المساحة وعدم التسامح مع حرية التعبير فيها.
والسلطات تمارس درجةً عاليةً من التحكم على انتشار المعلومة على الإنترنت، وتستهدف المواقع والحسابات الشخصية التي قد تهمّ الرأي العام بالاختراق والحظر، كما حصل مع موقع القسط (المحظور منذ 2015)، والعفو الدولية، وغيرها من المواقع التي تحتوي موادًا مهمة.
وقد استهدفت بالقمع الوحشي أفرادًا عبّروا عن آرائهم سلميًّا على الإنترنت، فانتهى العديد من النشطاء والنقّاد السلميين وراء القضبان، وأحيل عددٌ منهم إلى المحاكمة وحكم عليهم بموجب أنظمة قمعية مثل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لمجرد تعبيرهم عن آراء ناقدة على منصّات إلكترونية أو على شبكات التواصل الاجتماعي (مثل تويتر).
وذلك أنتج مناخًا من الرقابة الذاتية المتفشية بين المواطنين السعوديين الذين إما انقسموا بين اللجوء إلى الصمت أو النشر بحساباتٍ وهمية، دون أن يَقِيهم ذلك تمامًا من الملاحقة والقمع، والشاهد على ذلك ما تكشف في نوفمبر 2019 عندما وجِّهت تُهم ضدّ موظفين سابقيْن لدى تويتر في أمريكا بالتجسس لصالح السلطات السعودية برصد البيانات الخاصة بالمعارضين السعوديين على الموقع.
واستخدمت السلطات السعودية شركاتٍ أجنبية لإجراء عمليات رقابة سيبرانية، أشهرها قضية برنامج بيغاسوس التابع لمجموعة (إن إس أو) الإسرائيلية، الذي كشف عن تفاصيله تقرير "مشروع بيغاسوس" في يوليو 2021، وكان ممن استهدفهم التجسس: مؤسس منظمة القسط يحيى عسيري والمديرة التنفيذية الراحلة آلاء الصديق، من ضمن عددٍ كبير من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.
إنّ سعي قادة السعودية لجذب الاستثمار الأجنبي وإقامة مشاريع كبرى مثل مدينة نيوم (وقد أطلقت عليها السلطات اسم "أول مدينة ذكية في العالم")، لا يقلل، بل يزيد من المخاوف حول تفشّي أشكال أقوى للتجسس والرقابة في المستقبل.
في ضوء ذلك تسعى وحدة الحقوق الرقمية التي تطلقها القسط اليوم إلى إدماج المخاوف المعنية بالحقوق الرقمية في كلّ أعمال المنظمة، وذلك بهدف توسعة نطاق حماية الحقوق والحريات إلى المساحات الرقمية، وذلك برصد انتهاكات الحقوق الرقمية، وتوفير الأدوات المفيدة والتعزيز الرقمي لمستخدمي الإنترنت داخل السعودية وخارجها، وإقامة حملات مناصرة تستهدف هذا المجال وتنهي تواطؤ الشركات مع القمع فيه.