في 20 أكتوبر 2025، نفّذت السلطات السعوديّة حكم الإعدام بحقّ عبد الله الدرازي، وهو شاب أُدين بعد محاكمة جائرة للغاية بارتكاب ما وُصف بـ"جرائم إرهابية" يُزعم أنه ارتكبها عندما كان قاصرًا، في تجاهلٍ فاضحٍ لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويجعل هذا الإعدام من الدرازي ثاني جانحٍ قاصر يُنفَّذ فيه حكم الإعدام في المملكة خلال شهرين، ما يفاقم المخاوف بشأن مصير آخرين من الجانحين القُصَّر المعرّضين لخطر الإعدام الوشيك.
وقالت نادين عبد العزيز، مسؤولة الرصد والمناصرة في القسط: "إعدام الدرازي عملٌ شنيع، خطوة نهائيّة وقاسيّة ضدّ شاب سعودي تعرّض لانتهاكات جسيمة وممارسات تعذيب ومعاملة غير إنسانية طيلة فترة احتجازه ومحاكمته. وكما هو الحال في إعدام جلال لبّاد قبل شهرين، فإنّ هذه الجريمة تؤكد ازدراء السلطات السعوديّة الصريح للحظر الدولي على تنفيذ عقوبة الإعدام في الجرائم التي تُرتكب من قِبل القُصَّر. إنّ التدخّل الدولي العاجل بات ضروريًا لإنقاذ حياة آخرين محكومين بالإعدام."
وُلد عبد الله محمد الدرازي في 8 أكتوبر 1995، وتعرّض لاعتقالٍ عنيف دون مذكرة توقيف عندما كان يبلغ من العمر 18 عامًا، وذلك في 27 أغسطس 2014. ومثُل للمحاكمة في أغسطس 2017 أمام المحكمة الجزائيّة المتخصّصة، وهي المحكمة التي تنظر في قضايا "الإرهاب"، والتي أصدرت في أغسطس 2018 حكمًا بإدانته وحكمت عليه بالإعدام. وقد ثبّتت محكمة الاستئناف الجزائيّة المتخصّصة الحكم في أغسطس 2022، كما أيدته المحكمة العليا سرًّا في عام 2023. وقد اطّلعت القسط على وثائق المحكمة التي تُظهر قائمة التهم ذات الطابع "الإرهابي" الموجّهة إليه، ومن بينها "استهداف عناصر أمنية" و"إلقاء زجاجات مولوتوف حارقة". وترتبط هذه التهم بالاحتجاجات التي شهدتها المملكة في عامي 2011 و2012 ضدّ التمييز الذي يتعرّض له أفراد الطائفة الشيعية المهمّشة في السعوديّة، وهي احتجاجات شارك فيها الدرازي عندما كان لا يزال في السابعة عشرة من عمره.
هذا وتعرّض الدرازي لانتهاكاتٍ جسيمة أثناء اعتقاله واحتجازه ومحاكمته، التي افتقرت إلى أبسط معايير الإجراءات القانونيّة الواجبة، واعتمدت على "اعترافات" يُزعم أنها انتُزعت تحت التعذيب، وهي مزاعم لم تُحقّق فيها السلطات مطلقًا. وبعد اعتقاله، احتُجز الدرازي بمعزلٍ عن العالم الخارجي وفي الحبس الانفرادي لعدة أشهر، تعرّض خلالها للتعذيب الجسدي بما في ذلك الضرب والحرق، ما أدى إلى تكسّر أسنانه وإصابته في الركبة إصابة استدعت نقله إلى المستشفى. وخلال جلسات المحكمة، التي لم يُعيَّن له فيها محامٍ إلا بعد بدء المحاكمة فعليًا، أكّد الدرازي أنه أُجبر على توقيع اعترافاتٍ تحت الإكراه، وطلب من المحكمة عدم الاعتماد على الأقوال المقدّمة من النيابة العامة.
"ضعوا في اعتباركم أنّني تعرّضتُ للضرب والتعذيب بشتى الوسائل، بينما كنتُ أرفض رفضًا قاطعًا أمامهم جميع الاتهامات الباطلة الموجّهة إليّ؛ وقد جاءني أحدهم وأنا معصوب العينين، وقال لي إنهم وجدوني بريئًا، وإنه سيجعلني أضع بصمتي على مجموعة من الأوراق تمهيدًا لإطلاق سراحي؛ وبما أنّني كنتُ صغير السن ولا أفهم في هذه الأمور، صدّقته ووضعت بصمتي على بعض الأوراق، معتقدًا أنّني بُرّئتُ وأنهم سيفرجون عني، لا أن يُسلّموني فجأة إلى المباحث العامة".
وفي تصرّفٍ آخر ينمّ عن القسوة، مُنِعت عائلة الدرازي من وداعه، ولم تعلم بتنفيذ حكم الإعدام بحقه إلا من خلال وسائل الإعلام. وغالبًا ما تحرم السلطات السعوديّة العائلات بهذه الطريقة من فرصة توديع أحبّائها أو ممارسة شعائر الحداد وفقًا لتقاليدهم الدينية، كما تمتنع في العديد من الحالات عن تسليم جثامين الضحايا إلى ذويهم.
يُحظَر تطبيق عقوبة الإعدام على الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة من العمر وقت ارتكاب الجريمة التي أُدينوا بها، بموجب اتفاقية حقوق الطفل التي تُعدّ السعوديّة طرفًا فيها. وفي ظل الانتقادات الدوليّة المتزايدة، أعلنت السلطات السعوديّة عام 2020 عن مرسومٍ يُنهي سلطة القضاة التقديرية في إصدار أحكام الإعدام بحق القاصرين. غير أنّ هذا الإجراء تضمّن ثغراتٍ قانونيّة تسمح باستمرار إعدام من هم دون السن القانونيّة، من خلال استثناء القضايا المنظورة بموجب قانون مكافحة الإرهاب، كما في حالات مصطفى الدرويش الذي أُعدم عام 2021، وجلال لبّاد الذي أُعدم في أغسطس 2025، والآن عبد الله الدرازي. وفي وقتٍ لاحق، أكّدت هيئة حقوق الإنسان السعوديّة رسميًا أنّه "لن يُنفَّذ حكم الإعدام في أيّ شخصٍ في المملكة عن جريمة ارتكبها وهو قاصر". غير أنّ عمليات الإعدام التي نُفِّذت منذ ذلك الحين تُكذّب هذه الادعاءات الرسميّة وتُظهر استمرار ممارسة إعدام الجانحين القُصَّر.
كما تُثير هذه الإعدامات مخاوف خطيرة بشأن مصير عددٍ آخر من الجانحين القُصَّر المعرّضين لخطر الإعدام الوشيك. فقد ثبّتت محكمة الاستئناف الجزائيّة المتخصّصة مؤخرًا أحكام الإعدام الصادرة بحق خمسة أطفال جانحين آخرين على الأقل، يوسف المناسف، وعلي حسن السبيتي، وعلي المبيوق، وجواد قريريص، وحسن الفرج. وقد خلص خبراء الأمم المتحدة مرارًا إلى أنّ احتجاز وأحكام الإعدام الصادرة بحق لبّاد والدرازي وثلاثة آخرين من الجانحين القُصَّر هي تعسفيّة، ودعوا في أبريل 2025 إلى الإفراج الفوري عنهم.
وفي الأثناء، تواصل السعوديّة الإفراط في استخدام عقوبة الإعدام بوتيرةٍ مقلقة. فقد نُفِّذ حتى الآن ما لا يقل عن 302 حكم إعدام في عام 2025 (حتى 21 أكتوبر)، أي بزيادةٍ تتجاوز 30% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وهو العام الذي سُجّل فيه أعلى عدد من الإعدامات في تاريخ المملكة، إذ بلغ 345 حالة. وقد نُفِّذ معظم أحكام الإعدام هذا العام (204) في قضايا مرتبطة بالمخدرات غير المميتة، إضافةً إلى 35 حكمًا في قضايا مرتبطة بـ"الإرهاب"، الذي يشمل وفق التعريف الفضفاض والمفرط في الاتساع الوارد في القانون السعودي طيفًا واسعًا من الأفعال غير المميتة. ويُشكّل كلا النوعين من هذه الإعدامات انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يقيّد تطبيق عقوبة الإعدام، حيثما لا تزال تُمارس، على "أشدّ الجرائم خطورة"، أي تلك التي تنطوي على القتل العمد فقط.
من هنا، تُجدّد القسط دعوتها إلى السلطات السعوديّة بضرورة فرض وقفٍ فوري لتنفيذ أحكام الإعدام، تمهيدًا لإلغاء عقوبة الإعدام نهائيًا في جميع الجرائم. وإلى حين تحقيق الإلغاء الكامل، يجب على المملكة أن تُزيل فورًا من قوانينها جميع الأحكام التي تُجيز عقوبة الإعدام بما يخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيّما في الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى "أشدّ الجرائم خطورة"، وكذلك في الجرائم التي تُرتكب من قِبل القُصَّر.