عاد نهاية هذا الأسبوع ولي العهد السعودي إلى البلاد بعد جولة خمسة أسابيع شملت خمسة دول وتسويق رهيب، وكان واضحا من الزيارة أن هدفها الرئيس هو الترويج لصورة ولي العهد بأنه شخصية معتدلة وإصلاحية، وبناء علاقات دبلوماسية عبر صفقات ضخمة.
الأمير محمد بن سلمان - بلا شك - يقود تغييرات كثيرة في البلاد، ولكن فيما يتعلق بملفات حقوق الشعب، والإصلاح الحقيقي والحريات -وهي الملفات التي يدعي مضيفوه في الغرب أنهم يطبقونها يدعون إليها- فإنه بالنسبة لهذه الملفات لا وجود لتغير ولا تحسن حقيقي. ففي فترة زيارة ولي العهد لمصر وبريطانيا وأمريكا وفرنسا وإسبانيا، تم إعدام 11 شخصا في السعودية، خمسة منهم بحكم تقديري تعزيري من القاضي دون حد أو قصاص ولجرائم لا علاقة للعنف بها. كما أن معتقلي الرأي ودعاة الإصلاح الحقيقيون يقضون فترات عقوبة في السجون، بعضهم أكاديميون وصحفيون لم يقوموا بجرم إلا أن عبروا عن آرائهم بسلمية والبعض الآخر دعوا للإصلاح ولاحترام حقوق الإنسان فتم عقابهم. السياسيون الغربيون الحريصون على توريد الأسلحة والمعدات للسعودية أبدوا سرورهم بوعود ولي العهد السعودي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، مع أن السعودية هي البلد الوحيد في العالم الذي يمنع المرأة من قيادة السيارة.
وفي الوقت ذاته وعلى أرض الواقع لا زالت المرأة السعودية تطالب بإنهاء الأنظمة السعودية التي تقيد حياتها بنظام سعودي يسمح للولي التحكم في حياة المرأة دون وجه حق. كان يجب ألا يتأثر الجميع ويخدعوا بحملات العلاقات العامة الترويجية لمحمد بن سلمان والممولة بشكل مسرف ولافت للنظر، وبالفعل فإن الكثيرين لم يعجبهم ولم يقعوا في الثقة ولا المجاملات، فقد كانت المظاهرات وجها آخر لاستقباله في عدد من الدول، وفي سياتل على سبيل المثال التي زارها لتوقيع صفقات صيانة لطائرات البوينغ، رفض حاكم واشنطن وعمدة سياتل استقباله، كما كان النشطاء يحتجون على جرائم الحرب في اليمن ويحتجون على الهجمات المدمرة لليمن ويصفون ولي العهد السعودي بـ"مجرم الحرب".
وقد وضحت القسط أن نقد ولي العهد محمد بن سلمان أو والده يعد جريمة إرهابية في السعودية، وذلك وفق ما ينص عليه قانون مكافحة الإرهاب الجديد، المادة 30 والمقر في الثاني من نوفمبر الماضي.
كما تواصل القسط دعواتها للسلطات السعودية إلى التوجه حقيقة للإصلاح الحقيقي بدل بذل الأموال في الدعايات وشراء الذمم والتحالفات مع استمرار القمع والانتهاكات، فعليها أن تتجه حقيقة لإصلاح يضمن الحقوق المدنية والسياسية، ويضمن حقوق الإنسان الأساسية لكل المواطنين والمقيميين، ويبدأ ذلك بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع معتقلي الرأي، والسماح للمجتمع المدني بالمشاركة لبناء دولة مدنية حقيقية لتكون دولة حقوق ومؤسسات وليست دولة قمع وفساد واستبداد.
كما تدعو القسط السلطات والعالم إلى تقديم القيم والحقوق والعدالة قبل المصالح والمنافع الشخصية والصفقات والعلاقات. *وللقراءة أكثر حول الشأن الحقوقي في السعودية، تفضلوا بقراءة ملخص العام المنصرم المقدم من رصد وتوثيق القسط.