تاريخ النشر: 12/09/2025

نحن، المنظمات الموقعة أدناه، ندين بشدة العمل القسري، والابتزاز المالي، والانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المغترب الهندي أحمد عبد المجيد على يد رب عمله السعودي، مجموعة "سيرا". وتُظهر قضيته بوضوح كيف يسهّل نظام الكفالة في السعوديّة ارتكاب انتهاكات خطيرة، تاركًا العمال الأجانب من دون أي حماية قانونيّة ضد الاستغلال المدعوم من الشركات والدولة. من هنا، نطالب السلطات السعوديّة بفتح تحقيق محايد في قضيته وضمان حصوله على جميع مستحقاته الماليّة إضافةً إلى التعويض.

وصل عبد المجيد إلى السعوديّة في عام 1981، وقضى 40 عامًا يعمل مديرًا أول للمبيعات في وكالة السفر السعوديّة "الطيار للسفر". وفي أعقاب الحملة الشهيرة التي شنتها السلطات في عام 2017، والتي احتُجز خلالها عشرات رجال الأعمال البارزين، بمن فيهم مؤسس "الطيار"، في فندق الريتز-كارلتون بالرياض، خضعت الشركة لإعادة هيكلة بتوجيه من الدولة. وأعيدت تسميتها لتصبح "مجموعة سيرا" في أبريل 2019، ووُضعت تحت سيطرة صندوق الاستثمارات العامة في السعوديّة. ويخضع الصندوق لسيطرة مشددة من ولي العهد محمد بن سلمان، وقد ارتبط بارتكاب انتهاكات جسيمة.

في بداية جائحة كوفيد-19 في مارس 2020، أنهت الإدارة الجديدة عمل عبد المجيد بشكل مفاجئ من دون إبداء أي سبب. وأبلغ رب عمله برغبته في العودة إلى الهند لرعاية زوجته المريضة جدًا، غير أنّ نظام الكفالة السعودي يشترط موافقة الكفيل لخروج العامل من البلاد، وقد رُفض طلبه؛ كما تمت مصادرة جواز سفره، ما أدى إلى بقائه عالقًا في السعوديّة.

ثم وضعت الشركة مخططًا لإجباره على مواصلة العمل من دون أجر. فمن مارس وحتى سبتمبر 2020، كُلِّف بتحصيل الرسوم المتأخرة من العملاء، وهو عمل لا يمت بصلة إلى وظيفته الأصلية. وفي أغسطس، ومع اقتراب انتهاء صلاحية تأشيرة عمله، صعّدت الشركة مطالبها وأجبرته على دفع الديون المستحقة على العملاء بنفسه، والتي بلغت 100,000 دولار أمريكي. مما قد دفع عبد المجيد إلى بيع عقارات وأصول أخرى في الهند لتغطيّة تلك المبالغ.

ومع أنه تمكن في نهاية المطاف من العودة إلى بلاده، بعد أن اضطر لشراء تذكرته بنفسه، إلا أن سرقة أجره وابتزازه قد أوقعا عليه عبئًا ماليًا هائلًا وخلّفا عواقب طويلة الأمد على أسرته، فضلًا عن المعاناة النفسيّة التي سببها له رب عمله الذي كرس له أربعة عقود من عمره. وهو الآن يقيم في الولايات المتحدة مع ابنه، ولم يتلق حتى اليوم أي تعويض أو حتى اعتراف من الشركة أو من السلطات السعوديّة أو الهنديّة، على الرغم من مناشداته المتكررة.

وتعكس هذه القضية إخفاقات منهجية في الإطار التشريعي للعمل في السعوديّة. إذ إن نظام الكفالة، الذي ينظم عمل غالبية العمال الأجانب، يربط الوضع القانوني للعامل بكفيل مقيم، وهو في الغالب صاحب العمل. ويجعل هذا الترتيب العامل عرضةً للاستغلال، إذ يمنح صاحب العمل سلطة مفرطة على العامل، بما في ذلك صلاحيات متعلقة بتأشيرته ووضعه الإقامي وقدرته على السفر.

منذ بداية محنة عبد المجيد، أُدخلت بعض الإصلاحات على قوانين العمل في السعوديّة، بما في ذلك مبادرة إصلاح العمل لعام 2021 التي تتيح للعمال المهاجرين، في ظروف ضيقة ومحدودة، تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد من دون الحصول على موافقة صاحب العمل (أو الكفيل). غير أن أثر هذه الإصلاحات على أرض الواقع ما زال غير واضح، إذ لم تقدّم السلطات معلومات كافية؛ فيما يبقى نظام الكفالة ككل قائمًا إلى حدّ كبير، ويواصل إتاحة فرص واضحة للاستغلال.

وقد أُبرزت قضية عبد المجيد في رسالة مؤرخة في أغسطس 2024 من سبعة أعضاء في الكونغرس الأمريكي إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، دعوا فيها دول مجلس التعاون الخليجي إلى معالجة الانتهاكات المنهجيّة لحقوق العمال المرتبطة بنظام الكفالة. وإن معاملة مجموعة "سيرا" لعبد المجيد لا تنتهك بوضوح المعايير الدوليّة للعمل فحسب، بل تخالف أيضًا القوانين الوطنية للسعوديّة، والتي رغم نواقصها، تحظر على أصحاب العمل حجب الأجور بشكل غير مشروع، وتُلزمهم بتحمل كلفة تذكرة عودة العامل عند انتهاء عمله.

وعليه، فإننا نحن، المنظمات الموقّعة أدناه، ندعو السلطات في السعوديّة إلى ما يلي:

  1. تشكيل لجنة تحقيق محايدة في قضيّة أحمد عبد المجيد وضمان حصوله على جميع مستحقاته الماليّة إضافةً إلى التعويض؛
  2. تفكيك نظام الكفالة، بما في ذلك إلغاء شرط حصول العمال على تصريح خروج لمغادرة البلاد؛
  3. مواءمة التشريعات الوطنية للعمل في السعوديّة مع المعايير الدوليّة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحق في حرية التنقل؛
  4. ضمان التزام الشركات الخاضعة لسيطرة الهيئات الرسمية، مثل صندوق الاستثمارات العامة، التزامًا صارمًا بالقوانين الدوليّة والوطنية للعمل، وضمان حماية حقوق العمال المهاجرين.

المنظمات الموقِّعة:

  • القسط لحقوق الإنسان
  • الديمقراطية الآن للعالم العربي (داون)
  • منظمة إيكويديم
  • المنظمة الأوروبية السعوديّة لحقوق الإنسان
  • فير سكوير
  • مركز الخليج لحقوق الإنسان
مشاركة المقال
إعدام حدث سعودي يدق ناقوس الخطر بشأن محكومين آخرين
إن تنفيذ حكم الإعدام بحق جلال لباد، الشاب السعودي المدان بجرائم يُزعم أنّه ارتكبها عندما كان قاصرًا، يقوّض نهائيًا مزاعم السلطات بأنها وضعت حدًا لهذا الانتهاك.
المنظمات غير الحكومية تدعو إلى الإفراج الفوري عن المدافع السعودي عن حقوق الإنسان محمد البجادي الذي لا يزال قيد الاحتجاز رغم انقضاء مدة محكوميته منذ عامين
نحن، المنظمات الموقّعة أدناه، نعرب عن بالغ قلقنا إزاء استمرار الاحتجاز التعسفي للمدافع السعودي عن حقوق الإنسان محمد البجادي، وذلك لأكثر من عامين بعد انقضاء مدة محكوميته.
عشرة مصريّين نوبيّين ما زالوا في السجون السعوديّة بعد خمس سنوات من الاعتقال التعسفي
بعد مرور خمس سنوات على اعتقالهم، لا يزال عشرة من أعضاء الجمعيّات النوبيّة المدنيّة في السعوديّة رهن الاعتقال التعسفي، يقضون أحكامًا سجن طويلة بسبب تنظيمهم فعاليّة سلميّة لإحياء ذكرى حرب أكتوبر 1973.