يساور القسط قلقٌ بالغٌ بعد علمها بتعريض الناشطة النسوية ومدرّسة الرياضة المحتجزة مناهل العتيبي عن عمد لاعتداءات جسدية ونفسية في سجن الملز بالرياض، مما يُظهر مجددا استخفاف السلطات السعودية الفج بأرواح معتقلي الرأي وسلامتهم. وما فتئت العتيبي، المحتجزة في الملز منذ نوفمبر 2022، تتعرض لمختلف أشكال الاعتداء على يد سجينة أخرى، بما في ذلك أعمال الضرب والعض والتهديد بالقتل.
ومع أن تلك الاعتداءات لم تُمارس على يد المسؤولين، فإن سلطات السجن لم تبذل أي جهد لحماية العتيبي. وفي الواقع، تتجاوز أفعال السلطات بكثير كونها مجرد إهمال، لأنها منعت العتيبي من تقديم شكوى حينما أخبرت المسؤولين في السجن بالأمر، وبدلا من ذلك وضعوها في الحبس الانفرادي. وبعد إخراجها من الحبس الانفرادي، في 27 سبتمبر، وُضعت في زنزانة مشتركة مع مدمنات مخدرات، مما يجعلها عرضة لمزيد من العنف.
ولاحظت القسط اتجاها متزايدا نحو تعريض السلطات السعودية حياة معتقلي الرأي للخطر عن طريق الإهمال الجسيم، إن لم يكن متعمدا، بما في ذلك عدم حمايتهم من السجناء الآخرين. وأسوأ مثال شهدناه حتى اليوم هو جريمة القتل المدبرة على ما يبدو في أكتوبر 2021 للإصلاحي السياسي موسى القرني الذي قُتل بوحشية في زنزانته على يد متطرفين دينيين، مع أنه اشتكى مرارا وتكرارا لإدارة السجن من المخاطر التي واجهها.
وتشمل أمثلة أخرى حديثة نقل الداعية الإسلامي إبراهيم هائل اليماني إلى زنزانة مشتركة مع متطرفين كانوا قد هددوا مرات عديدة بقتله، ومحاولة قتل المدافع عن حقوق الإنسان خالد العمير على نحو غير مبرر، واعتداء مريض نفسي على المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني.
وعلمت القسط أيضا بوضع الناشطة في مجال حقوق المرأة المسجونة سلمى الشهاب إلى جانب سجينات نُقلن من مستشفى الأمراض النفسية بحيث يصدر عنهن سلوك عدواني بسبب نقص الرعاية الطبية الكافية. وناشدت هيئةَ حقوق الإنسان الرسمية السعودية احتجاز أولئك السجينات بشكل منفصل وتمكينهن من العلاج المناسب، لكن دون جدوى حتى الآن.
وتواجه مناهل العتيبي وشقيقتها فوز -التي هربت من السعودية- المحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بعدد من التهم المتعلقة بدعمهما السلمي لحقوق المرأة وارتداء لباس "غير محتشم" والتغريد بوسوم نسوية. وأُجلت الجلسة الأولى لمحاكمتهما، التي كان من المقرر عقدها في 26 يوليو، دون تحديد موعد جديد.
وصدرت مؤخرا أحكام غير مسبوقة بالسجن المطول على نشطاء سلميين آخرين، مما يزيد المخاوف بشأن أولئك الذين لايزالون ينتظرون صدور الأحكام. وأدانت المحاكم السعودية في السنة الماضية وحدها العديد من النساء وأصدرت ضدهن أحكاما بالسجن لمدد طويلة على خلفية نشاطهن الحقوقي السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، بمن فيهن نورة القحطاني (السجن 45 عامًا)، وسكينة العيثان (40 عامًا)، وفاطمة الشواربي (30 عامًا)، وسلمى الشهاب (27 عامًا)، وآخرهن الطالبة في الثانوية منال الجفيري البالغة 18 عامًا (18 عامًا). وجاء ذلك في خضم حملة قمعية مكثفة على النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا.
وعلقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط لينا الهذلول قائلة: " تُظهر مجددا المعاملة المروعة للعتيبي في السجن أن السلطات لا تكتفي بغض الطرف عن الاعتداءات المهددة للحياة التي يتعرض لها معتقلو الرأي في السجون السعودية، بل تسهلها أيضا بشكل فعال".
وتحث القسط السلطات السعودية على ضمان أمن وسلامة العتيبي وكافة معتقلي الرأي الآخرين، والإفراج فوراً ودون شروطٍ عنها رفقة كافة المحتجزين الآخرين حاليا في المملكة على خلفية الممارسة السلمية لحرياتهم الأساسية.