وردت للقسط معلومات حول تزايد مستمر للمساعي الانتقامية الممنهجة من السلطات السعودية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين، منها محاولة السلطات السعودية تعريض حياة نشطاء بارزين يقضون محكوميات طويلة بالسجن للخطر، منهم خالد العمير ومحمد القحطاني.
علمت القسط عن محاولة قتل تعرض لها الناشط الحقوقي خالد العمير، الذي اعتقل على خلفية نشاطه السلمي بدعاوى منها إطلاق وسم "#الشعب_يريد_دستورًا_جديدًا"، وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، ومثلها منع من السفر، وحسب ما وصل للقسط، تعرض العمير لمحاولة قتل من سجين آخر رغم عدم احتكاكه أو معرفته بهذا السجين من قبل، وذلك في يوم 30 يوليو 2021 في الساعة الواحدة والنصف ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة، ليختفي ذاك السجين عن الأنظار ولم يرهُ مجددًا، وعليه تدعو القسط للتحقيق في الحادثة، خاصة وأن السجن به كاميرات مراقبة، تستطيع الجهات المسؤولة منها اكتشاف ملابسات الاعتداء.
والوضع الصحي للعمير ازداد سوءًا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، حيث تضاعفت لديه أعراض الضيق في التنفس وغيرها من الأمراض.
وسبق أن أوردت القسط أنّ المعتقل الراحل شهر مايو الماضي، زهير علي شريدة، بعد أن تعرض للإهمال الطبي مع إصابته بفيروس كوفيد-19، دون أن تتضح ملابسات وفاته حتى الآن، فقد فاجأت السلطات عائلته باتصال هاتفي يطلب منهم تسلم جثمانه، دون إعطاء أي توضيحات، والشريدة، الذي اعتقل على خلفية تغريدات نشرها، شاركَ في إضراب مع مجموعة من السجناء منهم محمد القحطاني وعيسى النخيفي، احتجاجًا على الأحكام القاسية ضدهم، وأعلن قبل وفاته عن نيته بالدخول في إضراب آخر.
وفي الإطار نفسه تعرض المدافع عن حقوق الإنسان المعتقل محمد القحطاني للإهمال الطبي المتعمد، حيث أصيب هو الآخر بفيروس كوفيد-19 في نفس فترة وفاة شريدة، دون أن تُخطِره إدارة السجن بهذه الإصابة، ولا زال القحطاني محتجزًا في عنبر خاص بسجناء الأمراض النفسية، رغم مطالبته المتكررة لسلطات السجن بنقله، ودخوله في أكثر من إضراب عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة وعلى عدم تجاوب السلطات مع مطالبه بإخراجه من هذا العنبر ووضع حد لحرمانه من الكتب، وقد دخل في إضراب يوم 9 أغسطس 2021 لينهيه يوم 12 أغسطس مع وعودٍ قدمتها إدارة السجن بالنظر في مطالبه، ليعاود الإضراب مرةً أخرى يوم 15 أغسطس عندما لم يتمخض عن هذه الوعود أي تصحيح لأوضاعه.
وفي حادثةٍ مروعة تسبب أحد المرضى النفسيين بإشعال حريق في الجناح الذي يحتجز فيه القحطاني، واستطاعت إدارة السجن لاحقًا تداركه وإطفائه، ليزيد ذلك من رداءة الظروف التي يحتجز فيها القحطاني ويكشف عن إهمال السلطات لمساجين عنبره.
لا زالت حادثة الإهمال الطبي المتعمد التي أدت إلى وفاة الحقوقي الرائد والعضو المؤسس في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) عبد الله الحامد في أبريل 2020 تثير الكثير من المخاوف من نوايا السلطات في السعودية إلى ممارسة النهج نفسه مع حقوقيين آخرين. خاصة بعد تجاهل السلطات حاجته إلى إجراء عملية جراحية بسبب تزايد تداعيات حالته الصحية وتهديد السلطات له بقطع أي اتصال له بعائلته في حالة إخباره لهم عن وضعه الصحي.
وعلق المدير المكلف لمنظمة القسط، نبهان الحنشي: "تعامل السلطات السعودية يدل على نية مبيتة في الانتقام من النشطاء في السجون، ونحن قلقون على صحة وسلامتهم، ونخاف من تكرر حالات الإهمال الطبي وغيرها من الممارسات التي قد تزيد من أوضاعهم سوءًا أو تهدد سلامتهم وحياتهم، وعلى السلطات التحقيق فورًا في محاولة قتل العمير، والكشف عن ملابسات وفاة زهير شريدة، وضمان سلامة السجناء وصحتهم".
تدعو القسط السلطات السعودية للسماح للمراقبين الدوليين المستقلين بالوصول إلى منشآت الاحتجاز من أجل تقييم أوضاع السجون وضمان سلامة السجناء، دون قيود أو رقابةٍ منها على تقييمهم، وذلك لضمان ظروف احتجاز عادلة وإنسانية وفقًا لقواعد الأمم المتحدة الدنيا المعيارية لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) وضمان مبدأ عدم التمييز لجميع الأشخاص المحتجزين، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع حالات الوفاة أثناء الاحتجاز، والإفراج عن كافة المدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين على خلفية تعبيرهم السلمي عن الرأي.