مر أكثر من عام على اعتقال الدكتور محمد الخضري القيادي الفلسطيني المقيم في السعودية، دون أن تستجيب السلطات للدعوات المتكررة للإفراج عن المجموعة رغم تلقيها دعوات من عدد من المقررين الأمميين المعنيين وعدد من الفرق الأممية المعنية.
وقد اعتقلَ الخضري وآخرين في الرابع من أبريل للعام 2019، إلا أن حملة الاعتقالات لم تبدأ في ذلك اليوم، فقد سبق وأجرت السلطات السعودية حملات دهم واعتقال في عدد من المدن واعتقل فيها العشرات. ففي بداية فبراير 2019 اعتقلت السلطات الدكتور عامر الألمعي، وهو استشاري الطب الباطني، ومعه مجموعة من الفلسطينيين في مدينة أبها، وسبق ذلك بيوم اعتقالاتٌ مماثلة في مدينة جدة، وكان المستهدف في هذه الحملات شخصيات لهم ارتباط بالقضية الفلسطينية من فلسطينيين وأردنيين، وعددهم المعروف لدينا 68 شخصًا، بالإضافة إلى 13 سعوديًا.
تلى الاعتقال التعسفي أن قامت السلطات السعودية بإخفاء عدد من المعتقلين قسريًا، وحرم عدد منهم من الحق في توكيل محامين أو الزيارة أو الاتصال لمدد وصلت الخمسة أشهر، حتى دون أن يتمكن بعض المعتقلين من إبلاغ ذويهم باعتقالهم، وسمح لبعضهم بالتواصل مع أسرهم للمرة الأولى في يوليو 2019.
وفي الثامن من الشهر الماضي، مارس 2020، عُرِض الـ 68 من الجنسيتين الفلسطينية والأردنية على المحكمة الجزائية المتخصصة، المختصة في شؤون الإرهاب، ولم يتمكن الأهالي من حضور المحاكمة، وكذلك لم يحضر المراقبون الدوليون من السفارات الأجنبية، ودون حضور محامين مستقلين، لتكون المحاكمة لدى محكمة غير مستقلة، ودون استيفاء أيٍ من شروط المحاكمات العادلة. وفي أثناء جلسة المحكمة تلا الادعاء العام التهم على المجموعة، ثم وُزِّعوا على مجموعات من المقرر أن تمثل أمام المحكمة في أيام متعددة خلال شهر رمضان القادم (أبريل / مايو).
وبمراجعة عدد من التهم الموجهة للمجموعة رأت القسط أن التهم كان غالبها يدور حول الانضمام لحركة حماس وحركة الإخوان المسلمين وجمع التبرعات لفلسطين، واستخدام الشبكة العنكبوتية في الكتابة حول حركة الإخوان المسلمين. واستخدم الادعاء العام نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وخاصة المواد 32 و33 و38 و47 و53 و55، وكذلك نظام الجرائم المعلوماتية وخاصة المادة 6، ونص الادعاء على تهم نحو:
الانتماء لفصيل إرهابي، تمويل فصيل إرهابي، التواصل بفصيل إرهابي، التستر على فصيل إرهابي، تخزين وحيازة ما من شأنه دعم فصيل إرهابي، ومن بين ما ضُبِط كتاب “فلسطين التاريخ المصور لمؤلفه طارق السويدان”.
وبهذا تؤكد القسط أن السلطات السعودية قد قامت بحملات دهم واعتقالات تعسفية لم تستند على أمر قضائي أو أوامر قبض قانونية، وتبع ذلك إخفاء قسري لعدد من المعتقلين، وحرمان من الحقوق الأساسية كتوكيل محامين مستقلين، أو حق الاتصال والزيارة والعلاج، ومن ثم عرض المجموعة على محكمة غير شرعية سبق وأن استقبلت السلطات السعودية توصيات حقوقية متعددة تدعو لحل هذه المحكمة التي تكرس عدم استقلال القضاء، وكذلك فإن السلطات قد قامت باستخدام المادة السادسة من نظام الجرائم المعلوماتية التي تنتهك الحق في حرية التعبير بشكل واضح، واستُخدمَ قانون الإرهاب الذي تعهدت السلطات السعودية بتعديله إثر انتقادات واسعة للقانون الذي يجرم أعمالًا مدنية وسلمية مشروعة، ومع أن السلطات قامت بتعديله في نسخته الأخيرة الصادرة في الأول من نوفمبر 2017، فعندما قامت القسط بمقارنته مع النظام السابق، خلصت القسط إلى أنه يحمل نفس العيوب السابقة، هذا بالإضافة إلى عدم قانونية التهم التي اطلعت عليها القسط والموجهة للمجموعة، حيث لا يمكن ضبطها قانونيًا، وحيث تصف فصيل بالإرهابي مع كون السلطات تتعامل معه بشكل رسمي وتستضيف قيادات منه، وهذا ما يعطي دلالة واضحة بأن المحاكمة، وقبلها الاعتقال وما احتواه من انتهاكات جميعها كانت لأسباب سياسية صرفة لا علاقة لها باختراق القوانين أو ارتكاب جرائم قانونية.
وتدعو القسط السلطات السعودية للإفراج الفوري وغير المشروط عن المجموعة، وتسوية هذا الملف دون انتهاك أيٍ من حقوقهم المشروعة، والتوقف التام عن استخدام الأنظمة والقوانين والمحاكم لأغراض سياسية تلحق الأذى بعشرات من الأسر، وتدعو القسط المجتمع الدولي للضغط على السلطات السعودية لتسوية هذا الملف والتوقف عن هذه الانتهاكات البينة والتي لا يمكن أن تعتبر قضية قانونية حقيقية.