إن تنفيذ حكم الإعدام في 21 أغسطس 2025 بحق جلال لباد، الشاب السعودي المدان بجرائم يُزعم أنّه ارتكبها عندما كان قاصرًا، يقوّض نهائيًا مزاعم السلطات بأنها وضعت حدًا لهذا الانتهاك لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويثير مخاوف جدّية بشأن مصير ما لا يقل عن ستة آخرين من المحكومين بالإعدام عن جرائم ارتكبوها وهم أطفال.
أدين لباد (المولود في 3 أبريل 1995) بعدد من التهم ذات الطابع "الإرهابي"، من بينها المشاركة في احتجاجات وقعت عندما كان لا يزال طفلًا. وقد اطّلعت القسط على وثائق قضائيّة تؤكد صدور حكم الإعدام بحقه، وتبيّن أن الاتهامات الموجّهة إليه شملت أفعالًا تندرج في إطار الحقوق المكفولة بحرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، مثل "ترديد شعارات مسيئة لحكام البلاد" خلال جنازات رجال قُتلوا برصاص قوات الأمن. وتعود هذه الأحداث إلى احتجاجات أعوام 2011 و2012، التي شارك فيها لباد في سن المراهقة، اعتراضًا على معاملة الطائفة الشيعية المهمَّشة في السعوديّة.
اعتُقل لباد من دون مذكرة توقيف في 23 فبراير 2017، إثر مداهمة قوات الأمن منزل عائلته في العوامية، وبدأت محاكمته أمام المحكمة الجزائية المتخصّصة في 27 يونيو 2019. وفي 31 يوليو 2022 أصدرت المحكمة حكمًا بالإعدام بحقه، ثبّتته محكمة الاستئناف الجزائية المتخصّصة في 4 أكتوبر من العام نفسه، ثم أيدته المحكمة العليا سرًا عام 2023. وقد صدر الحكم إثر محاكمة جائرة افتقرت إلى أبسط معايير ضمانات المحاكمة العادلة، واعتمدت بشكل شبه كامل على اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب. وأثناء التحقيق، تعرض لباد للضرب المبرح بالأنابيب والأحذية والأسلاك، وضُرب رأسه على الطاولة حتى فقد الوعي، كما تعرض للصعق الكهربائي وللتهديد بالقتل.
وأشارت وزارة الداخلية في بيانها عن تنفيذ حكم الإعدام بحق لباد إلى أنّه شارك، مع آخرين، في خطف وقتل القاضي محمد الجيراني، من دون أن تحدد دوره في هذه الجريمة. وقد ظلّت قضيّة الجيراني، الذي اختُطف في ديسمبر 2016 وعُثر على جثمانه بعد عام، يكتنفها الغموض منذ البداية، إذ أُضيفت تدريجيًا أسماء متزايدة إلى قائمة المشتبه بهم التي باتت تضم 22 متهمًا. وكثير منهم، ومن بينهم لباد، خضعوا لمحاكمات معيبة إلى حدّ بعيد، وسط مزاعم موثوقة بتعرضهم للتعذيب، ما يثير تساؤلات جدّية حول مشروعية التهم. ومرة أخرى، يبدو أن السلطات تستخدم اتهامات أمنية واهية لإسكات الأصوات المعارضة السلمية، من دون الالتزام بضمانات المحاكمة العادلة.
إن استخدام عقوبة الإعدام بحق أشخاص كانوا دون سن الثامنة عشرة عند ارتكاب الجريمة التي أُدينوا بها يُشكّل انتهاكًا مباشرًا لاتفاقية حقوق الطفل، التي تُعدّ السعوديّة طرفًا فيها. وفي ظل الانتقادات الدولية، أعلنت السلطات السعوديّة عام 2020 عن إصدار مرسوم ينهي سلطة القضاة في الحكم بالإعدام على القاصرين. غير أنّ هذا الإجراء تضمّن ثغرات سمحت باستمرار تنفيذ الإعدام بحق الأطفال، مثل استثناء القضايا المنظورة بموجب قانون مكافحة الإرهاب، كما حدث في قضيّة مصطفى الدرويش الذي أُعدم عام 2021، وحاليًا في قضيّة لباد. وقد أكدت هيئة حقوق الإنسان الرسميّة في المملكة لاحقًا أنّه "لن يُعدم أي شخص في السعوديّة عن جريمة ارتكبها وهو قاصر". إلا أنّ إعدام لباد يُفاقم التناقض مع هذه الادعاءات الرسميّة بإنهاء ممارسة إعدام الأحداث.
كما وإن تنفيذ حكم الإعدام بحق لباد يثير أيضًا مخاوف جدّية بشأن مصير متهمين آخرين من الأحداث المعرّضين لخطر الإعدام الوشيك، وعلى وجه الخصوص عبدالله الدرازي، الذي نال حكمه بالإعدام التصديق النهائي من المحكمة العليا، ولم يتبقّ سوى توقيع الملك لتنفيذه. وقد خلص خبراء الأمم المتحدة مرارًا إلى أنّ احتجاز لباد والدرازي وثلاثة أحداث آخرين والحكم عليهم بالإعدام يُعدّ اعتقالًا تعسفيًا، ودعوا في أبريل 2025، مجددًا، إلى الإفراج الفوري عنهم.
من هنا واصلت السعوديّة هذا العام استخدامها المروّع لعقوبة الإعدام بوتيرة متسارعة. فقد جرى تنفيذ أحكام الإعدام بحق ما لا يقل عن 260 شخصًا حتى الآن في عام 2025، أي بزيادة قدرها 70% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وهو العام الذي شهد أعلى عدد مُسجَّل من الإعدامات في تاريخ المملكة، حيث بلغ 345 حالة. ويشكّل معظم هذه الإعدامات خلال العام الحالي (175 حالة) جرائم غير قاتلة متعلقة بالمخدرات، فيما نُفّذ 29 حكمًا بتهم مرتبطة بالإرهاب، وهي تهم يمكن، وفقًا للتعريف الغامض والمفرط في التوسّع الوارد في القانون السعودي، أن تشمل طيفًا واسعًا من الأفعال غير المميتة. ويُعد كلا النوعين من هذه الإعدامات انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يحظر تطبيق عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى "أشد الجرائم خطورة".
في ضوء الحجم المقلق لوتيرة تنفيذ أحكام الإعدام في السعوديّة، نكرر دعوتنا للسلطات هناك إلى إعلان وقفٍ فوري لتنفيذ أحكام الإعدام، تمهيدًا لإلغاء هذه العقوبة بشكل كامل عن جميع الجرائم. وإلى حين تحقيق الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، يتعيّن على السعوديّة أن تبادر فورًا إلى إزالة جميع الأحكام القانونيّة التي تتيح فرضها بما يخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما في الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى "أشد الجرائم خطورة"، وفي الجرائم التي ارتكبها أشخاص كانوا قصّرًا وقت وقوعها.