تاريخ النشر: 01/09/2022

راقبت القسط بقلق بالغ محتوى فيديو ابتدء تداوله فجر الأربعاء، الموافق 31 أغسطس 2022، يصور اعتداء رجال أمن، بملابس رسمية ومدنية، على عدد من الفتيات اليتيمات في دار التربية الاجتماعية، في خميس مشيط، في محافظة عسير. وحسب المتداول، ما تعرضت له بنات الدار كان إثرَ اعتصامهن وإضرابهن احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية وسوء المعاملة التي تتلقاها النساء في دار التربية الاجتماعية، إضافة إلى استمرار انتهاك حقوقهن حتى بعد بلوغهن سنّ الرشد.

ورغم إصدار إمارة عسير بيانًا أمرت فيه بفتح تحقيق حول الحادثة، إلا أن نأيها عن إدانة رجال الأمن على هذا الاعتداء السافر والوحشي على الفتيات كافٍ للطعن في مصداقية التحقيق، تحديدًا لما تمثله هذه الحادثة من استمرارية لسلسلة واقعات مشابهة في الدور الاجتماعية تحت إدارة الدولة، ومشابهتها بحوادث وقعت في السجون، جميعها لم يحقق فيها أو لم يفضي التحقيق فيها إلى التغيير أو الانتصاف، ناهيك عما وثِّق من هشاشة الإجراءات الحمائية الموفرة لضحايا التعنيف، حيث تنتهي الكثير من حوادث العنف الأسري دون محاسبة المعتدي. 

كما تشير القسط إلى أن العنف يفرض نفسه كطابعٍ تطبّقه السلطات على نظام السجون في السعودية، ودُور الرعاية، رغم عدم اختصاصها باحتجاز المجرِمات، ومراكز احتجاز الأحداث لا تتميز عن السجون في ذلك. وهذا العنف عادة ما يتمثل في سوء المعاملة والاعتداء الجسدي والتحرش، ومعها ما وثّقته القسط مؤخرًا من حالات الإهمال الطبي والإداري المتعمد وما ينتج عنه من سوء تغذية وتردي الحالة الصحية لنزلاء السجون ومراكز الاحتجاز، ولهذا أنْ ينعكس سلبًا على الأوضاع النفسية لهؤلاء الفتيات المحتجزات دون جُرِم أو ذنب.

هذه الحادثة تثير التساؤل حول الأوضاع المعيشية في دور رعاية الأيتام ونوع وجودة المعاملة التي يتلقاها الأيتام فتيةً وفتيات، وتذكر بما حدث مع معتقلات، مثل لجين الهذلول وسمر بدوي، تعرضن للتحرش الجنسي، من بين ضروب أخرى للتعذيب، في أثناء اعتقالهن في مراكز احتجاز سرية، تعهدت السلطات بالتحقيق فيما تعرضن له، واختتمت تحقيقها بنفي ضلوع مسؤوليها في ذلك.

فعلى النقيض من صور الإصلاح والتقدّم في شأن حقوق المرأة التي تعرضها السلطات في كلّ المحافل، نظام ولاية  القمعي لا يزال أبعد ما يكون عن الإلغاء، ولا تزال النساء مخضَعاتٍ لسيطرة الرجال، وما تصفه السلطات بـ "عقوق" أو "عصيان" ولي الأمر الذكر (الأب أو الزوج أو الأخ أو حتى الابن)، تتعامل معه كجريمة، لتعطل بذلك الحريات الجديدة التي تدعي أنها منحتها النساء، نظريًا، وتجعلها غير نافذة أو مطبقة على أرض الواقع.

وهذا وعلقت لينا الهذلول، مديرة الرصد والتواصل في القسط قائلة: "تكشف هذه الهجمات المروعة مرةً أخرى عن القمع السائد والمتواصل ضد المرأة في السعودية، والأمر لا يقتصر على ما تتعرض له المرأة تحت وليّ أمرٍ، حتى عندما لا يكون حاضرًا، فهن عرضة لخطر عنف السلطات حال مطالبتهن بأبسط حقوقهن".

هذا وتدعو القسط السلطات السعودية إلى ضرورة التحقيق في الحادثة بما يضمن تقديم المتورطين في المداهمة العنيفة على الدار وضرب الفتيات إلى العدالة، مع إيجاد آلية دائمة لحماية الفتيات والاستجابة إلى مطالبهن المشروعة. كما تدعو القسط إلى ضرورة إيجاد لجنة مراقبة مدنية ومستقلة تراقب أوضاع دُور التربية الاجتماعية بصورة دائمة للإطلاع على الأوضاع المعيشية فيها. 

مشاركة المقال
ناشط سعودي طالب لجوء في بلغاريا معرّض لخطر الترحيل
يخضع الناشط السعودي عبد الرحمن الخالدي لأمر ترحيل من بلغاريا إلى السعودية، حيث سيكون عرضة لخطر كبير من الاحتجاز التعسفي وغيره من الانتهاكات الجسيمة للحقوق.
اعتقالات وحل مجلس إدارة نادٍ في السعودية على خلفية أهازيج جمهوره
على عكس ما تدعيه السعودية عن انفتاحها، واستمراراً لنهجها في خنق حرية التعبير وحرية المعتقد، اتخذت السلطات موقفا متشددا ضد نادي الصفا في مدينة صفوى في المنطقة الشرقية.
يخلص تقرير القسط إلى اتساع الفجوة بين الرواية الرسمية والواقع القاسي لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية
يسلط التقرير السنوي للقسط لعام 2023 الضوء على التناقض الصارخ المتزايد بين مشاريع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اللامعة التي لا طائل منها من ناحية، وقمع الشعب السعودي من ناحية أخرى.