علمت القسط من مصادرها أن السلطات السعودية تستعد لتنفيذ عقوبة الإعدام تعزيرًا في أكثر من ثلاثين شخصًا في حملة تذكر بحملة إعدام 47 شخصًا نفذت في الثاني من يناير 2016 في بداية حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكان من بينهم 43 حكمًا تعزيريًا. الأنباء الواردة للقسط تفيد بأن السلطات السعودية جمعت قرابة الـ35 شخصًا في الرياض استعدادًا لتنفيذ عقوبة الإعدام التعزيرية بهم لاتهامها لهم بتهم متفاوتة حول التكفير و الإرهاب والتجسس.
وتفيد الأنباء أن المحكمة العليا قد صادقت على العقوبة على 14 شخصًا اتهموا بأعمال عنف أثناء احتجاجات في المنطقة الشرقية وأرسلت قرارها لوزارة الداخلية لتنفيذ الحكم، بينما أيدت محكمة الاستئناف الحكم بـ15 آخرين تتهمهم السلطات السعودية بالتجسس، ويتواجد معهم في الرياض عدد آخر من المتهمين بالتكفير والإرهاب.
القسط تؤكد أن السلطات السعودية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ظاهرة الإرهاب في السعودية، وتذكر أن عدد كبير من الذين نُفذت بحقهم عقوبة الإعدام أو الذين ينتظرون الإعدام هم من الذين أرسلتهم السلطات السعودية وحلفاؤها للقتال في أفغانستان أو غيرها، أو الذين تأثروا بتلك النزعات، وقد ذهب عدد كبير إلى هناك برعاية رسمية سعودية، وتنسيق مع جهات ودول أخرى، وعند عودتهم تعرضوا للتضييق والمطاردة والاعتقالات، والقسط تحمل السلطات السعودية تحويلهم إلى منهج العنف، وتبنيهم لحمل السلاح، منذ إرسالهم للقتال وتفريغهم من التزاماتهم الأخرى في الحياة، ثم الاستمرار في الدفع بهم إلى هذا الطريق، وعدم إعطائهم الفرصة للاندماج في المجتمع، والعودة إلى الحياة الطبيعية، ولا تزال السلطات السعودية ترى أن التغيير بالقوة والعنف هو نهج صحيح وتؤيده في مناهجها، وترفض وتمنع سبل التغيير السلمي، وتحاكم النشطاء السلميين في المحكمة الجزائية المتخصصة والمختصة في شؤون الإرهاب، في خلط واضح بين العنف والمعارضة السلمية، وهي بهذا تدفع بالمحبطين من ضعيفي التعليم للانخراط مع الجماعات الإرهابية.
وتؤكد القسط أن عددًا من الذين ينتظرون عقوبة الإعدام قد أكدوا للقضاء أنهم تعرضوا للتعذيب، وأن أقولًا واعترافات قد انتزعت منهم تحت الإكراه، إلا أن القضاء السعودي لم يسقط تلك الاعترافات، كما تنص اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت لها السعودية في العام 1997، بل أخذت المحكمة بالأقوال المنتزعة ومضت قدمًا في الحكم بالإعدام. كما لم تتقيد المحكمة بشروط المحاكمات العادلة في جميع جلساتها، فقد عقدت عدد من الجلسات غير العلنية، وقد تغيب المحامون عن عدد من الجلسات احتجاجًا على خروقات قانونية في جلسات ما تسميه السلطات السعودية بـ"خلية التجسس".
كما تذكر القسط بأن تعذر السلطات السعودية بالشريعة الإسلامية لتنفيذ هذه الأحكام التعزيرية هو تعذر غير دقيق، إذ أن عقوبة القتل التعزيري تعني عدم وجود عقوبة قتل للأعمال التي اتهموا بها، وإنما هو اجتهاد من القاضي وليس حكم منصوص عليه في القرآن ولا في السنة، ولا يجيز كثير من العلماء تنفيذ القتل تعزيرا، ولكن السلطات السعودية مصرة على إعطاء القضاة الصلاحية لإنزال عقوبة التعزير بمن يرون وفق اجتهادهم الشخصي، وتذهب السلطات السعودية لاختيار هذا التوجه ورفض الرأي العلمي الواسع الذي لا يجيز القتل تعزيرًا، فتختار ما يناسبها وتمنع ضده وتتعذر بالشريعة في توظيف واضح للدين لكسب تأييد شعبي من البسطاء، وحماية للسلطات من الانتقاد.
كما تؤكد القسط أن القضاء السعودي غير مستقل، ولا يحتكم إلى قانون واضح ومكتوب، بل ترفض السلطات السعودية أن تقنن القضاء وأن تكتب القوانين، فتعطي القضاة الحق القانوني والشرعي في الاجتهاد في إنزال الأحكام، بينما تخضعهم لضغوط السلطات العليا، فيكون الموجه لأحكام القضاة هو الضغط من السلطات وليس القانون.