نشرت مجموعة من الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي أمرًا ملكيًا حول إيقاف عقوبة الإعدام التعزيرية بحق الأحداث في السعودية، وتناقلت وسائل إعلام متعددة الحدث معتبرة الأمر خطوة إصلاحية، ولكن استثناء في الأمر الملكي وتناقض مع نظام الأحداث يفرغ الأمر الملكي من مضمونه ما لم يصدر تصحيح للأمر.
ففي حين لم تنشر وسائل الإعلام السعودية الأمر، ولم يتم إضافته للأوامر الملكية في وكالة الأنباء السعودية حتى الآن، إلا أن الأمر الملكي المنشور في وسائل التواصل الاجتماعي وفي النقطة السادسة، يحوي استثناءً للإعدام وفق الإجراءات المنصوص عليها في أحكام نظام جرائم الإرهاب وتمويله.
وقد نشرت القسط تحليلًا حول نظام جرائم الإرهاب وتمويله في نسخته المحدثة في 1 نوفمبر 2017 وبينت خللًا قانونيًا في النظام، وخاصة في تجريمه لأعمال سلمية، إلا أن النظام أيضًا ينص في مادته 40 والمادة 41 على إمكانية إنزال عقوبة الإعدام تعزيرًا على أعمال لم تتسبب في قتل آخرين، كما تم الحكم على سلميين ونشطاء وفق هذا النظام، مما يثبت استخدام النظام بشكل موسع من قبل السلطات، وكذلك فقد حكم على أحداث بالإعدام وفق هذا النظام، واستندت المحكمة على أقوال قال أصحابها أنها انتزعت منهم تحت التعذيب.
وفي النقطة الخامسة يؤكد الأمر الملكي على وجوب تطبيق نظام الأحداث متى ما كان النظام في صالح الحدث، إلا أن نظام الأحداث الصادر في الأول من أغسطس 2018 يمنع في المادة 15 عقوبة الإعدام للأحداث الذين لم يتموا عمر 15 بالتقويم الهجري، ويستبدلها بالسجن لمدة لا تزيد عن العشرة أعوام، ثم يعود النظام ذاته في مادته 16 ويستثني من ذلك عقوبة الإعدام في الحدود والقصاص.
ويبدو هنا وكأن نظام الأحداث يجيز في مادته 16 إعدام الأحداث حدًا وقصاصًا، كما يجيز الأمر الملكي في النقطة 6 إعدام الأحداث تعزيرًا في تهم الإرهاب، وهذا ما يجعل الأحداث عرضة للإعدام قصاصًا وحدًا وتعزيرًا، دون حماية حقيقية يشكلها الأمر الملكي أو نظام الأحداث، ومع هذا فقد أصدرت هيئة حقوق الإنسان في 28 أبريل 2020 تنويهًا للأمر الملكي، وأكدت أنه يشمل قضايا الإرهاب، وأنه لا يجيز القتل تعزيرًا على الأحداث بأي شكل من الأشكال، وإن كانت الهيئة حكومية رسمية، إلا أنها جهة غير تشريعية، وما أصدرته يعد مناقضًا لما حواه الأمر الملكي.
تدعو القسط السلطات السعودية إلى توضيح محتوى الأمر الملكي، وحذف النقطة السادسة، وعدم استثناء القضايا التعزيرية وغيرها، وقد دعت القسط سابقًا إلى إيقاف عقوبة الإعدام بشكل كامل، ولكن الأمر أشد إلحاحًا عندما يخص الأمر الأحداث، وكذلك أحكام الإعدام التعزيرية التي تسمح للقضاة بالاجتهاد في قضايا الإعدام، وتدعو القسط إلى مراجعة قانون الأحداث وتعديل المادة 15 ليشمل منع الإعدام من هم فوق 15 سنة من الأحداث، وإلغاء المادة 16 التي تجيز قتل الأحداث حتى دون 15 سنة حدًا وقصاصًا.
خلفية
تعد السعودية من أكثر الدول في العالم استخدامًا لعقوبة الإعدام، وعلى الرغم من تعهد محمد بن سلمان في 2018 بالتقليل من استخدام عقوبة الإعدام شهد العام 2019 أكبر عدد من حالات الإعدام في تاريخ السعودية القريب. وتشير الأرقام التي رصدتها القسط إلى تنفيذ عقوبةً الإعدام بحق 185 فردًا في العام المنصرم.
وفي 23 أبريل 2019، أعدمت السلطات 37 شخصًا في مناطق مختلفة، أغلبهم رجال شيعة أدينوا في محاكمات غير عادلة بتهٍم بعضها تتعلق بالإرهاب، وكان عدٌد ممن أقيمت بحقهم عقوبة الإعدام في 23 أبريل قاصرين وقت الأعمال التي اتهموا بها، وهم سلمان آل قريش ومجتبى السوكيت وعبد الكريم الحواج، ولايزال أحداث آخرون على قائمة الإعدام مثل علي النمر وعبدالله الزاهر وداود المرهون، وآخرين.