انتقد المخرج السعودي الأمريكي ومنتج مسلسل مسامير، عبد العزيز المزيني، السلطات السعوديّة لمحاكمته سرًا والحكم عليه بالسجن لمدة 13 عامًا، يليه حظر سفر لمدة 30 عامًا، بتهم "دعم الإرهاب والمثليّة الجنسيّة"، بالإضافة إلى تهم أخرى تستند إلى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يعود تاريخها إلى أكثر من عقد من الزمن.
وقد كشف عن القضية الرسميّة المرفوعة ضدّه، في عام 2021، لأول مرة الأسبوع الماضي في فيديو مدّته 18 دقيقة موجَّه إلى ولي العهد محمد بن سلمان، حيث وصف فيه المزيني الإجراءات القمعيّة التي يجري حاليًّا اتخاذها بحقّه بأنها إحدى المواهب الإبداعيّة الرائدة في السعودية. وفي غضون ساعات من نشر الفيديو في 26 يونيو 2024، قام المزيني بحذفه من يوتيوب ومنصّة إكس، ونشر رسائل إيجابيّة عن ولي العهد ورئيس الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، وقام بتعديل حسابه على منصة إكس ليصبح "سعودي فخور" بدلاً من "سعودي أمريكي فخور".
كما وقد كانت المنظّمات الموقّعة أدناه على دراية منذ فترة بالإجراءات القمعيّة التي تتخذها السلطات السعوديّة ضد منشئي المحتوى المشهورين، بما في ذلك التصيّد المكثّف لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي القديمة، والاعتقال والاحتجاز التعسفيّين في بعض الأحيان. ومن بين المستهدفين حتى الآن حاتم النجار، مقدّم البودكاست الشهير "مربّع" على قناة ثمانية، وغيره من المشاركين في إنتاجه، مثل محمد الحاجي، بالإضافة إلى مقدم البودكاست ومستشار العلاقات ياسر الحزيمي.
وكشف المزيني في مقطع الفيديو الذي حُذف بسرعة، والذي قال إنه سجّله من منزله في الرياض، أنهُ أجبر على إغلاق شركة إنتاجه ميركوت الأسبوع الماضي وإنهاء عقود فريق إنتاج ميركوت، بعد أن حكمت عليه المحكمة السعوديّة بالسجن لمدة 13 عامًا بالإضافة إلى حظر السفر لمدة 30 عامًا. كما أوضح أنه، في البداية، أصدرت محكمة الإرهاب في السعوديّة، المحكمة الجزائيّة المتخصّصة، حكمًا عليه يقضي بالسجّن لمدة 13 عامًا بالإضافة إلى 13 عامًا أخرى، وذلك على الرغم من سعي النيابة العامة إلى الحصول على حكم بالسجن لمدة 25 عامًا بالإضافة إلى 25 عامًا، لكن محكمة الاستئناف الجزائيّة المتخصّصة رفعت الآن العقوبة الأوليّة لتشمل منع السفر لمدة 30 عامًا. وأضاف المزيني إنه ينتظر أن تصدر المحكمة العليا حكمًا نهائيًّا في القضية.
تحظى ميركوت بأكثر من 2.5 مليون مشترك على يوتيوب ولديها ملايين المشاهدات لحلقاتها الكرتونية العديدة، والتي يعود تاريخها إلى عام 2011. وقد رفعت الدعوى الرسميّة ضدّه بعد فترة وجيزة من إصدار مسامير لأول مرة على نيتفليكس في يوليو 2021.
كما ومن بين التهم الموجّهة إليه أنه من خلال مسامير، قام المزيني وشركته "برعاية ودعم الإرهاب والمثليّة الجنسيّة"، وأن اللغة المستخدمة في المسلسل الكوميدي للرسوم المتحركة تشمل الافتراءات و"الإهانات". واستندت التهم الأخرى إلى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من الفترة 2010-2014، والتي يعتبرها المزيني غير مبرّرة وغير عادلة، حيث يزعم إساءة استخدام السلطة من قبل سعد السحيمي، رئيس اللجنة الإعلامية.
وبالمثل، استهدفت السلطات فريق "ثمانية" أيضًا. فقد قامت الحسابات المؤيّدة للسلطات على وسائل التواصل الاجتماعي بالإبلاغ عن محتواها الإلكتروني إلى أمن الدولة، ودعَتْهم إلى اعتقال ومعاقبة منشئيها. كما اعتُقل مقدّم برنامج "مربّع" حاتم النجار في يناير 2024 بعد حملة شُنّت باستخدام هاشتاغ "اعتقلوا_حاتم_النجار"، وعلى الرغم من تقديمه اعتذارًا للسلطات السعوديّة إلا أنه لا يزال رهن الاعتقال. وقد اعتقل محمد الحاجي، وهو خبير في الصحّة العامة حاصل على درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة، لفترة وجيزة في أغسطس 2023، وذلك على خلفيّة انتقاده المُتصوّر لولي العهد ودعمه لحقوق المرأة.
وتُعتبر قناة ثمانية إحدى أكثر سلاسل البودكاست متابعةً وتأثيرًا في العالم. فمع ما يزيد عن 3.6 مليون مشترك على يوتيوب، يُعتقد أنها قد حقّقت أعلى نسبة مشاهدة لحلقة بودكاست على الإطلاق في العالم، في عام 2023، مع 107 مليون مشاهدة. كانت هذه مقابلة مع ياسر الحزيمي، الذي تعرض بعد ذلك لحملة هجوم على الإنترنت وصفته بأنه خائن وعضو في جماعة الإخوان المسلمين الإسلاميّة. وردًا على ذلك، أنشأ حسابًا جديدًا على منصة إكس لدحض هذه الاتهامات والدفاع عن السلطات السعوديّة، قائلاً إن "كل هذه الجماعات والأحزاب السياسيّة/الأيديولوجيّة مخطئة" وأنه مخلص للسلطات السعوديّة.
وفي وقت سابق من عام 2023، حُكم على مؤثر وسائل التواصل الاجتماعي منصور الرقيبة بالسجن لمدة 27 عامًا، وفقًا لوثائق المحكمة، بسبب مقطع فيديو تم تسجيله سرًا له وهو ينتقد رؤية 2030، الخطة التي وضعها محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي. كما ويملك الرقيبة أكثر من 2.3 مليون متابع على سناب شات والعديد من المتابعين الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.
لطالما وثّقت المنظّمات الموقّعة أدناه قمع السلطات السعوديّة لحريّة التعبير بجميع أنواعها، سواء على الإنترنت أو خارجها، ونظام المطبوعات والنشر الصارم، نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة القمعي الذي يتم استخدامه بشكل روتيني لاستهداف المدافعين السلميّين عن حقوق الإنسان وغيرهم من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الأبرياء. وتجرّم المادة 6 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة "إنتاج أو إعداد أو نقل أو تخزين المواد التي تمسّ النظام العام والقيم الدينيّة والآداب العامّة والخصوصيّة، من خلال شبكة المعلومات أو أجهزة الكمبيوتر"، وتُستخدم بشكل روتيني لقمع حريّة التعبير.
منذ إنهاء الحظر الذي دام 35 عامًا على دور السينما في عام 2018، عزّزت السلطات السعوديّة طموحاتها لإنشاء صناعات سينمائيّة وإعلاميّة محليّة. وقد أعلن عن أول جمعية سينمائيّة في السعودية، وهي جمعية السينما، في ديسمبر 2023، مع اختصاصها "بإنشاء حقوق العمل للمهنيين السينمائيين". ومع ذلك، وبعيدًا عن الاعتراف بحقوق صانعي الأفلام، لا تزال السلطات مصمّمة على السيطرة على المحتوى وقمع بعض أفضل المواهب الإبداعية في المملكة. ونظرًا إلى افتقار المملكة إلى الشفافيّة، وسريّة القضاء الخاضعة لرقابة صارمة، ومخاطر العقوبات القاسية والإجراءات الانتقاميّة بسبب التحدث علنًا، فقد حدثت بلا شك حالات من هذا النوع أكثر مما تمكّنا من توثيقه.
وعليه، لن تزدهر الصناعات الإبداعيّة في السعودية، ناهيك عن جذب الاستثمار، حتى تعترف السلطات وتحترم بشكل كامل حقوق الإنسان لجميع مواطنيها في حريّة التعبير، وحريّة الرأي والتعبير، والتحرر من الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والإجراءات القضائية العادلة والعلنية والمستقلة.
تدعو المنظّمات الموقّعة أدناه السلطات السعودية إلى إنهاء حملات التشهير والمضايقة ضدّ جميع أولئك الذين يعبّرون سلميًا عن آراء تختلف عن الخط الرسمي أو يقومون بعمل مشروع في الصحافة والإذاعة ووسائل الإعلام عبر الإنترنت؛ وإنهاء ممارستهم المتمثّلة في استخراج منشورات وسائل التواصل الاجتماعي القديمة التي يهاجمون بها الأشخاص الذين يريدون تكميم أفواههم. كما تدعو إلى وضع حدّ للاعتقالات التعسّفيّة والمحاكمات التي تتم سرًّا، ولجميع الحالات التي يتم فيها توجيه تهم جنائيّة بشكل علني وبمشاركة مراقبين قادرين على حضور جلسات المحكمة.
كما وتدعو المنظّمات الموقّعة أدناه إلى الإفراج عن جميع المعتقلين بشكل غير قانوني وغير عادل في السعوديّة بسبب آرائهم ومعتقداتهم، ووضع حد لفرض حظر السفر، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي والنظام السعودي المحلي على حد سواء.
المنظّمات الموقعة:
- رابطة القلم الأمريكية
- القسط لحقوق الإنسان
- لجنة حماية الصحفيين
- مركز ديمقراطية الشرق الأوسط
- منَا لحقوق الإنسان