صرحت القسط والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان اليوم إن استجابة السلطات السعودية البطيئة والمحدودة والدفاعية على حصيلة الوفيات المروعة خلال موسم الحج هذا العام يُعدّ سببًا خطيرًا للقلق. ويجب أن تكون السلطات السعودية صريحة وشفافة بشأن مشاركة جميع المعلومات المتاحة، وأن تمنح المحققين الدوليين المستقلين حق الوصول إلى البلاد لتحديد ما حدث بالضبط، من أجل منع حدوث مآسٍ مماثلة في المستقبل.
وقد أظهرت تقارير إعلامية الأسبوع الفائت تستند إلى أرقام من دبلوماسيين، وفاة أكثر من 1100 شخص من أكثر من 20 دولة حتى الآن خلال موسم الحج هذا العام في السعودية، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية. أظهرت اللقطات التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا مؤلمة للحجاج الذين انهاروا على الطريق. ويُعتقد أن العديد من الذين لقوا حتفهم لم يتم تسجيلهم رسميًا، وبالتالي لم يتمكنوا من الوصول إلى الخيام.
كما يطرح موسم الحج، الذي يحضره ملايين المسلمين كل عام، العديد من التحديات الصحيّة والأمنيّة، ومن المحتم أن تصبح مشكلة المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة أكثر حدةً نتيجة لتغير المناخ. فقد كانت هناك مآسٍ سابقة، بما في ذلك وفاة أكثر من 2000 حاج حتى الموت في عام 2015 نتيجة الازدحام. ومع ذلك، فإن استجابة السلطات السعودية لعدد الوفيات المأساوي هذا العام كانت مرة أخرى هي إنكار المشكلة لأطول فترة ممكنة وحجب المعلومات الأساسية التي يمكن أن تمنع التكرار.
وقد استجابت عدة دول علنًا، من بينها مصر، التي عانى رعاياها من أكبر عدد من الوفيات؛ وسرعان ما أعلنت السلطات المصرية عن تشكيل وحدة أزمات للتحقيق في الوفيات المصرية. كما أبلغ الأردن وتونس عن وفيات بسبب الإنهاك الحراري. فعلى الرغم من أن وزارة الصحة السعودية أبلغت عن آلاف "حالات الإنهاك الحراري"، إلا أن عدة أيام مرت قبل أن يعترف المسؤولون السعوديون بأي وفيات، البالغ عددها 1300 حتى تاريخ 23 يونيو. وبدلاً من ذلك، بدا أن الدولة تقلل من شأن المأساة، حيثُ أشارت إحدى وسائل الإعلام المملوكة للدولة إلى "انعدام الحوادث الأمنية أو التهديدات الصحية".
إن حقيقة أن السلطات السعودية تضع صورتها العامة قبل مسؤولية ضمان صحة وسلامة أعداد كبيرة من الزوار أمر مثير للقلق، ويعكس مناخًا أوسع للإفلات من العقاب في البلاد. ففي السعودية، يتم حماية السلطات من التدقيق العام، ويتم تكميم أفواه المجتمع المدني المستقل، ويتم تجريم نشاط حقوق الإنسان.
كما ولا توجد مراقبة مستقلة للسجون أو المحاكم، حيث تُعقد المحاكمات سراً، ويُحرم خبراء تقصي الحقائق التابعون للأمم المتحدة من الوصول إلى البلاد. ويعدُّ هذا الافتقار إلى المساءلة والشفافية هو قضية أساسية تؤدي إلى تآكل العديد من حقوق الإنسان الأساسية والحكم ككل.
وعليه، ترغب القسط والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في التأكيد على أهمية الشفافية، التي يجب أن توجه أي استجابة من قبل أي دولة لمثل هذا النوع من المأساة. على السلطات السعودية نشر جميع المعلومات المتاحة لها، ومنح المحققين الدوليين المستقلين حق الوصول إلى البلاد لإثبات الحقائق. فإن مثل هذه التدابير ضرورية لتوفير الإجابات التي تشتد الحاجة إليها لأسر الضحايا، ولضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مرة أخرى.