مع زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية في 15-16 من شهر يوليو، لا بدّ ألا يسكت عن القمع هناك وألا يفعل أي شيء يساعد على تلميع صورة الحاكم الفعلي – والمنبوذ – للمملكة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تعرض للعزلة الدبلوماسيّة منذ جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشجقي عام 2018 بتخطيط من الدولة.
من المتوقع أن يركز جدول أعمال زيارة بايدن على إمدادات النفط العالمية، لكن لو أراد أنْ تؤخذ وعوده الانتخابية بتبني موقف أكثر نقديّة تجاه الرياض على محمل الجد، فلا بد من أنْ يوظف هذه الفرصة لإيلاء حقوق الإنسان الأولوية، وفي أقل الأحوال عليه أن يسعى لما أوصت به 13 منظمة حقوقية مؤخرًا، من تأمين الإفراج عن معتقلي الرأي، وإنهاء منع السفر المنزل على النشطاء والنقّاد السلميين، وإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام.
في 20 يناير 2021 تولى مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن منصبه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، مع إدارة وعدت بتحدي السجل الحقوقي الفظيع للسعودية لتخالف بذلك منهج الإدارة الأمريكية السابقة لترامب، التي داومت على حماية القيادة السعودية من النقد.
والحق أنّه في يناير 2021 فرض بايدن وقفًا مؤقتًا لبيع الأسلحة للسعودية، وفي الشهر التالي نشرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية تقريرًا رفعت عنه السرية يستنتج تأييد ولي العهد لعلمية قتل جمال خاشقجي.
ولكن بايدن لم يستجب لدعوات إنزال عقوبات على محمد بن سلمان نفسه، وأما وعوده السابقة بـ "إعادة ضبط" العلاقات الأمريكية السعودية فتبين أنها متواضعة مع مرور الوقت، فلم يمض الكثير حتى وافقت الإدارة الأمريكية على صفقة أسلحة جديدة مع السعودية.
ومع تراجع بايدن عادت السلطات السعودية إلى نسقها المعتاد من القمع، بموجات جديدة من الاعتقالات استهدفت النقاد السلميين، وأحكام أقسى على النشطاء، ومساعٍ متعمدة لتعريض حياة معتقلي الرأي للخطر. وفي 2022 وحتى وقت كتابة هذا النص نفذت السلطات السعودية 120 إعدامًا، أكثر من ضعف مجمل إعدامات 2021، وهذا يتضمن إعدام 81 رجلًا في يوم 12 مارس 2022 وحده، وهو أكبر إعدام جماعي في تاريخ السعودية الحديث.
ومع الإفراج المشروط عن عدد من المدافعات عن حقوق الإنسان ومعتقلات الرأي المعروفات في الأيام الأوائل لرئاسة بايدن، فما زلن يعشن حياة غير حرة، بسبب يكبلها من قيود غليظة.
ومن المخيب أنّ غيره من القادة الغربيين زاولوا مؤخرًا زيارة السعودية، ففي ديسمبر 2021 التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمحمد بن سلمان في أثناء زيارته لمنطقة الخليج، ليفتتح بذلك زيارات القيادات الغربيين بعد أنْ توقفت منذ قتل خاشقجي، ليتبعه في مارس 2022 رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعد أيام معدودة من الإعدام الجماعي.
وعلق المدير التنفيذي للقسط نبهان الحنشي: "زيارة بايدن هذه للسعودية مخيبة للغاية، وتفرغ وعوده الانتخابية من أي معنى. عليه في أقل الأحوال أنْ يوظف هذا اللقاء لتأمين تقدم ملموس فيما يتعلق بأفظع الانتهاكات الحقوقية المرتكبة. فإن لم يقم بذلك ستكون هذه الزيارة خطوة لتلميع صورة القيادة السعودية، الأمر الذي متيحا الفرصة للمزيد من الانتهاكات".