تم ترشيح عدد من النشطاء السعوديين لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2020، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ترشيح نشطاء سعوديين لهذه الجائزة، وقد تم ترشيح المدافعين المعتقلين لجين الهذلول ووليد أبو الخير ونسيمة السادة للجائزة لهذا العام 2020.
وذلك بعد مبادرات متعددة لترشيحهم للجائزة، ويأتي هذا الترشيح في ظل مبادرات متعددة لترشيح عدد من النشطاء السعوديين، وخاصة المعتقلين منهم لنيل جوائز عالمية، وهذا ما دعت له القسط في حملتها التي وجهتها للجوائز العالمية والمنظمات ومن يحق لهم الترشيح، وطلبت تقديم المدافعين السعوديين للجوائز العالمية، وقد فاز عدد من النشطاء السعوديين بعدد من الجوائز العالمية في الأيام الماضية، وهذا ما يعزز الحالة الحقوقية في السعودية، ويعزز موقف المناضلين وخاصة من هم خلف القضبان، ويرسل رسالة واضحة للنظام السعودي والمجتمع بأن سجن النشطاء لن يصمت أصواتهم، ولن يكون هو الحل للخلاص منهم وما يدعون إليه من إصلاح واحترام لحقوق الإنسان، وأنه لا حل إلا بالأفراج الفوري عنهم، واتخاذ خطوات إصلاحية جادة تضمن للناس حقوقهم الأساسية. ويدفع النشطاء السعوديين ثمنًا باهضًا للدفاع عن حقوق الإنسان ومقاومة الانتهاكات، في الوقت ذاته ترفض السلطات الإصلاح وتسعى لتحسين صورتها عالميًا بالدعاية والإعلان فتقوم باعتقال كل من يسعون للإصلاح وتضعهم خلف القضبان، وقد لا يعرف كثير من الناس حول العالم، وحتى في الداخل السعودي، عن حجم الانتهاكات لعدم وجود حديث كافٍ عنها، ولا يعلمون أيضًا عن النضال الكبير والعمل العظيم الذي يقوم به النشطاء لأن السلطات لا تسمح للعالم بمعرفة حقيقة ما يجري وتعمل بمنظومتها الإعلامية والمالية الكبيرة لإخفاء ذلك، ومن هنا حرصت القسط على تقديم هؤلاء الأبطال لنيل جوائز عالمية، وبادرت عدد من الجهات والشخصيات والمؤسسات لمنح جوائزها أو ترشيح أو دعم ترشيح نشطاء سعوديين لهذه الجوائز. وقد رشحت جهات عدة النشطاء السعوديين لجائزة نوبل للسلام لهذه العام، والسيدة كارين أنديرسن، عضوة البرلمان النرويجي دعت -مشكورة- لجنةَ نوبل إلى منح الجائزة للنشطاء الثلاثة أبو الخير والهذلول والسادة، لنضالهم الطويل لحقوق الإنسان الأساسية في السعودية.
وعلَّقت عضوة البرلمان الأوروبي كارين أنديرسن: "يمّثل هؤلاء الثلاثة، لجين الهذلول ووليد أبو الخير ونسيمة السادة، ثلاث مبادرات حقوقية مهمّة في السعودية حدثت خلال السنين الماضية: الحملة لأجل حقوق المرأة، ومحاولة تأسيس منظمات حقوقية مستقلة، ومحاربة التمييز الممنهج ضد المواطنين الشيعة في البلاد.
ندعو لمنحهم الجائزة لما كرّسوه من جهد وتحمّلوه من تكلفة وسجن لنشاطهم الشجاع".
أما رئيس منظمة القسط يحيى عسيري فعلق: "نرحب ونشكر جهد السيدة أنديرسن لترشيحها النشطاء الثلاثة، لجين ووليد ونسيمة، وكذلك أعضاء الكونغرس الأمريكي وكل الذين ساهموا في الترشيح وفي تقدير عمل النشطاء السعوديين، فهؤلاء الأبطال الحقيقيون قدّموا الغالي والنفيس، وتحمّلوا تكلفة عالية، واستفاد من عملهم القيّم أعدادٌ كبيرة من الناس، فعندما تقوم السلطات بقمع هؤلاء الأبطال، ويكون هناك حول العالم من يصطف إلى جانب مصالحه وجانب السلطات السعودية ليساهم في تعزيز القمع ويساهم بالدعاية للسلطات السعودية، إلا أنه لا زال هناك من يقف مع الحقوق ويحترمها ويقدمها على المصالح، فلهم منا الشكر".
القسط تجدد شكرها لكل من ساهم في ترشيح نشطاء سعوديين لجوائز عالمية، وكل من دعم الحالة الحقوقية السعودية، وتجدد دعوتها للاستمرار في ترشيح النشطاء وتقديمهم لهذه الجوائز، وحفظ أسمائهم ليس فقط بالجوائز بل أيَضًا بوضع أسمائهم في الشوارع والحدائق والكتب والأفلام وكل ما يمكن أن يبرز هذا النضال ويخلده، ولا يسمح للقمع بمحوه وطمسه.
خلفية:
نسيمة السادة
هي ناشطة معروفة لعملها الدؤوب دفاعًا عن حقوق الإنسان، بما في ذلك محاربتها التمييز ضد المرأة والتمييز الديني. في 2011م، كانت من بين أولى من تقدّمن بدعوة قضائية تطالب بالسماح للنساء بالتصويت والترشح في انتخابات المجالس البلدية التي عقدت لاحقًا في العام نفسه، وهي من الأعضاء المؤسسين لمنظمة مركز العدالة لحقوق الإنسان، التي حرمت، مثل المرصد، من الحصول على ترخيص العمل. وكانت السادة منخرطة في حملات رفع الحظر عن قيادة المرأة وحضرت الجلسات القضائية بالنيابة عن العديد من الضحايا، وقدمت التدريب القانوني عن حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المواطنين الشيعة. تعرضت السادة للعديد من المضايقات لنشاطها السلمي، واعتقلت في يوليو 2018م، وقضت شهورًا في الحجز الانفرادي، وما تزال رهن الاحتجاز وتواجه المحاكمة لنشاطها الحقوقي.
لجين الهذلول هي شخصية مركزية في حركة حقوق المرأة في السعودية، وقد عملت على رفع الحظر عن قيادة المرأة وإسقاط نظام ولاية الرجل، وكافأت السلطات جهودها بعدد من الاعتقالات: في 2014 حينما حاولت دخول السعودية بالسيارة عبر الحدود الإماراتية السعودية، وفي مارس 2018 بعد حضورها جلسة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في جنيف، وآخر مرة في مايو 2018، أثناء موجة اعتقالات استهدفت ناشطات حقوق المرأة. ومنذ الاعتقال الأخير وهي تقبع وراء القضبان، وقد تعرضت أثناء احتجازها للتعذيب الوحشي والتحرش جنسي، بما في ذلك الصعق الكهربائي والضرب والتهديد بالاغتصاب. وقد عرض على لجين الإفراج من السجن بشرط إنكار ما تعرضت له من تعذيب، وكان ردّها برفض الخروج مقابل الإنكار. واليوم تواجه لجين محاكمةً تشوبها الإجراءات المعيبة وعلى أساس تهم متعلقة بنشاطها السلمي. وقد منحت لجين العديد من الجوائز الدولية، بما في ذلك جائزة القلم/باربي لحرية الكتابة وجائزة حرية الصحافة من مراسلون بلا حدود في 2019، إقرارًا بنضالها السلمي لحقوق المرأة.
وليد أبو الخير هو أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية. وهو من أوائل المدافعين عن الضحايا الذين يحاكمون عند المحكمة الجزائية المتخصصة، بمن فيهم المدوّن رائف بدوي ومجموعة إصلاحيي جدة. وقد أسس أيضًا مرصد حقوق الإنسان في السعودية، وهي منظمة حقوقية رفضت السلطات الترخيص لها. ونتيجةً لعمله الحقوقي، تعرض أبو الخير للمضايقات المتكررة، واعتقل أخيرًا في 2014، وجرت محاكمته هو الآخر أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، وحكم عليه بالسجن 15 سنة تتبعها مدة مماثلة من منع السفر، وكل التهم التي وُجِّهَت إليه متعلقة بنشاطه الحقوقي، ومنها تأسيس منظمة غير مرخص لها. وقد تكرر تعرض وليد إلى سوء المعاملة في السجن، ودخل مؤخرًا في إضراب عن الطعام لأكثر من شهر احتجاجًا على نقله إلى الحبس الانفرادي، وأدخل المستشفى في يناير على خلفية هذا الإضراب. منح وليد أبو الخير العديد من الجوائز الدولية إقرارًا بنشاطه في مناصرة حقوق الإنسان، بما في ذلك جائزة أولوف بالمه لعام 2012م، وجائزة لودوفيك تراريو لحقوق الإنسان الدولية لعام 2018م، وجائزة رايت لايفليهود لعام 2018م.