وردت للقسط معلومات تأكدت منها مؤخرًا عن تعرض الداعية سليمان الدويش للتعذيب على يد أحد كبار المسؤولين السعوديين بعد اختفائه في 2016 في سجنٍ غير رسمي أقيم في قبو أحد القصور الملكية بالرياض ويديره أعضاء من الدائرة المقربة لولي العهد محمد بن سلمان، حيث لم ترد أي أخبار عن الدويش منذ يوليو 2018.
اعتقل سليمان الدويش في فندق بمكة صباح يوم الجمعة يوم 22 أبريل 2016 بعد يوم من نشره تغريدات (أنظر تقرير القسط السنوي لعام 2018، الصفحة 32) يظن أنه ينتقد فيها الملك سلمان ومحمد بن سلمان الذي كان نائبًا لولي العهد وقتها، وقد وردت للقسط معلومات فظيعة حول ما حل به بعد ذلك، فبعد أن اعتقلت الدويش مجموعة من الديوان الملكي اقتادته إلى منشأة تابعة لوزارة الدفاع في جدة، وقلّته طائرة إلى الرياض ليلتها وأخذ بعد ذلك إلى أحد القصور الملكية، حيث تطاول عليه أحد كبار المسؤولين بالضرب المبرح حتى غرق بالدماء وتدخل بعض الحضور للحؤول دون قتله، ولم تكن تلك آخر مرة يعذب فيها أثناء احتجازه.
وأما بالنسبة للموقع الذي احتجز فيه الدويش فهو يقع في قبو أحد القصور الملكية حيث أقيمت زنازين خشبية وأدوات للتعذيب، ومن المعتقد أنه مخصص للمنافسين من العائلة المالكة وكبار المسؤولين، ولربما يحتوي قرابة 150 سجينًا، و ورد للقسط أن مسؤولين يديرانه شخصيًا هما: سعود القحطاني، وهو المستشار المقرب من محمد بن سلمان، وماهر المطرب، عضو الحرس الملكي وأحد أعضاء فريق الاغتيال الذي أرسل لإسطنبول لقتل جمال خاشقجي، و وردنا أن كليهما شاركا في تعذيب الدويش، والمطرب أحد 11 فردًا حكمت عليهم المحكمة الجزائية على خلفية جريمة قتل جمال خاشقجي في محاكمة افتقرت لأدنى معايير الشفافية، وأما القحطاني فلم يحاكم رغم توجيه العديد من الجهات الدولية أصابع الاتهام له، ووضعه على قائمة العقوبات في عدد من الدول.
بعد قرابة الشهرين من الاحتجاز أدرج اسم الدويش لقاعدة بيانات المعتقلين التابعة لوزارة الداخلية، ولكن حينما تواصلت أسرته مع أحد كبار المسؤولين للاستفسار عنه أخبرهم أن ذلك كان بالخطأ وأن عليهم البحث عنه عوضًا عن ذلك في المستشفيات أو ثلاجات الموتى أو المصحّات العقلية، وفي أوائل 2018 تلقت عائلته مكالمة من رقم أمريكي وادعى المتصل و صوته يشبه صوت الدويش أنه في تركيا وفي طريقه للقتال في سوريا، وعندما تواصلت عائلته مع السلطات مرة أخرى وشككت في هذه الرواية، قدم المسؤولون لهم معلومات متضاربة، فتارةً قال لهم موظف في وزارة الداخلية أن الدويش أدين بدعاوى منها "تأليب الرأي العام"، وتارةً أخرى أنكر أحد كبار المسؤولين ذلك، ومن ثم تلقت عائلته مكالمة أخرى من رقم أمريكي في سبتمبر 2018 بصوتٍ يدعي القصة نفسها عن القتال بسوريا، ولكن الدويش شوهد آخر مرة في يوليو 2018 في أحد معتقلات القصور الملكية، ولم ترد أي أنباء عنه أو عن صحته أو مكان احتجازه منذئذ، وما يزال اليوم رهن الإخفاء القسري.
شاع احتجاز المعتقلين في مواقع غير رسمية التي يتفشى فيها التعذيب منذ تولى محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017، ففي نوفمبر من ذاك العام اعتقل عدد كبير من رجال الأعمال والوزراء وأعضاء العائلة المالكة و احتجزوا في فندق الريتز كارلتون بالرياض، حيث تعرض عدد من المعتقلين لسوء المعاملة والتعذيب، وفي نوفمبر 2018 وردت أنباء عن تعرض المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات للتعذيب الوحشي في عدد من منشآت الاحتجاز، منها مواقع غير رسمية، أحدها يعرف بـ "الفندق" وآخر بـ "استراحة الضباط"، وتعرضت المدافعات فيها للضرب والجلد والصعق بالكهرباء حتى صارت بعضهن تعاني من صعوبة في المشي والوقوف ومن الارتجاف في المفاصل وظلّت عليهن آثار للتعذيب.
تدعو القسط السلطات السعودية للكشف عن مصير سليمان الدويش وغيره من المخفيين قسريًّا فورًا، وأن تفرج عن كافة معتقلي الرأي فورًا ودون شروط، وتدعو للضغط على السلطات السعودية لإنهاء هذه الممارسات ولمحاسبة المسؤولين عنها.