أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة صباح هذا اليوم الـ 25 يناير 2018، 8 جمادى الأولى 1439، حكماً بالسجن لمدة 7 أعوام ضد الناشط الحقوقي عبدالله بن مضحي العطاوي، وبالسجن 14 عاماً ضد الناشط الحقوقي محمد بن عبدالله العتيبي، وذلك بتهم تتعلق بنشاطهما السلمي أبرزها تأسيس جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان.
وكان قد تلقى الناشطان اتصالاً في التاسع عشر من محرم 1438 الموافق 20 أكتوبر 2016 للإبلاغ عن وجود قضية ضدهما لدى المحكمة الجزائية المتخصصة والمختصة في شؤون الإرهاب، وتم إبلاغهما بموعد الجلسة الأولى من المحاكمة.
وفي 29 محرم 1438 الموافق 30 أكتوبر 2016 عقدت الجلسة الأولى من المحاكمة في المحكمة الجزائية المتخصصة، ووجهت للناشطين تهماً تتعلق بنشاطهما السلمي وبحرية التعبير عن الرأي، وكانت أهم التهم تأسيس جمعية حقوقية (جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان). ووجهت لهما تهماً بنشر بيانات حول حقوق الإنسان وهذا ما اعتبره المدعي العام تعدياً على اختصاص مؤسسات حكومية وأهلية كهيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.
وقد اعتبر المدعي العام نشر التقارير الحقوقية والتواصل مع الإعلام والمنظمات، والحضور في استراحة الناشط المعتقل الدكتور عبدالله الحامد، و إعادة تغريد بعض التغريدات على تويتر جرائمَ تستحق العقوبة، وانتهت الجلسة الأولى بتحديد 27 ربيع الأول 1438 الموافق 26 ديسمبر 2016 موعداً للجلسة القادمة.
وفي مارس 2017 غادر محمد بن عبدالله العتيبي البلاد متجهاً إلى دولة قطر، وحصل على حق اللجوء في النرويج، وفي 24 مايو 2017 تم احتجاز محمد العتيبي في مطار حمد الدولي وهو متوجه لدولة النرويج، ثم تم تسليمه للسطات السعودية في 25 يونيو 2017.
محمد بن عبدالله العتيبي مدافع بارز عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وقد تعرض للاعتقال في السعودية جراء أعمال مدنية مشروعة قام بها دون ارتكاب عمل مُجرم، ففي الأول من يناير لعام 2009 تم اعتقاله مع نشطاء آخرين بتهمة الشروع في تظاهر سلمي، و بقي حينها في السجن لقرابة الأربعة أعوام، قضى منها شهرين في الحبس الانفرادي بمعزلٍ عن العالم الخارجي، وبما أن العمل الذي قام به العتيبي وعوقب من أجله عملٌ مدني مشروع، فإن الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في دورته الحادية والستين المعقودة في الفترة 29 أغسطس حتى سبتمبر من العام 2011 ارتأى بأن اعتقال العتيبي انتهاك للمادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأنه لا يعتمد على أساس قانوني يسوغ حرمان العتيبي من حريته، وأن احتجاز العتيبي من الأساس ووفق رأي الفريق الأممي هو إجراء تعسفي لا يستند على أساس قانوني ويخالف وينتهك عدداً من حقوقه المشروعة.
هذا وقد تمت إحالة العتيبي والعطاوي مجددًا للمحكمة الجزائية المتخصصة والمختصة في شؤون الإرهاب في ديسمبر من العام المنصرم 2016، وذلك وفق تهم تمس جميعها حقوقهما المشروعة، أبرزها مساهمتهما في تأسيس جمعية تعنى بحقوق الإنسان (جمعية الاتحاد)، علماً بأن محمد العتيبي وعبد الله العطاوي ورفاقهما كانوا قد قاموا بإغلاق الجمعية وإيقاف نشاطها مقابل تعهدات تمنعهم من العقاب.
ففي رجب من العام 1434، مايو 2013، تلقى المؤسسون لجمعية الاتحاد خطاباً من وزارة الشؤون الاجتماعية رداً على طلب تأسيس الجمعية، وقد رفضت الوزارة إصدار التصريح للجمعية الحقوقية، ثم أخذت على المؤسسين التعهدات بحل الجمعية وعدم ممارسة نشاطها، وبهذا أغلقت قضية تأسيس جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان في حينه.
إلا أن السلطات أعادت فتح القضية في أكتوبر 2016، وحرصت على فتح قضية قد انتهت من قبل بقصد معاقبة النشطاء وتخويف النشطاء الآخرين كما ذكر المدعي العام قائلاً: "ليكونوا عبرة لغيرهم!".
هذا وإن تأسيس منظمة حقوقية، والنشر والتغريد عن حقوق الإنسان أو المطالبة بالإصلاح السياسي ليست جرائم تستحق العقوبة، بل هي ممارسات مشروعة يجب أن تكفلها السلطات السعودية. كما أن إعادة فتح قضية تأسيس جمعية الاتحاد يأتي في سياق استهداف الناشطين ولو بقضايا انتهت من قبل.
القسط تدعو للإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد العتيبي وإسقاط جميع التهم ضد العتيبي والعطاوي كونها تهماً غير قانونية وفضفاضة وتمس حقوقهما الأساسية. وتؤكد القسط أن المحاكمة باطلة من الأساس، حيث أن إدانة العطاوي والعتيبي جاءت بسبب تأسيس جمعية مدنية تمارس نشاطاً مشروعاً، ولهذا فإن هذه الإدانة باطلة، وتؤكد القسط أن منع النشاطات السلمية سبب رئيسيٌ في وجود أنشطة غير سلمية، وفي تفشي الانتهاكات من قبل السلطة التي لا تجد من يوثقها ممارساتها أو ينتقدها، وتدعو القسط الجميع إلى الضغط على السلطات السعودية من أجل ذلك، وإلى احترام وحماية حقوق الإنسان.