فتحت السلطات السعودية ملفا جديدا باعتقال الناشط الحقوقي ياسر بن عبدالله العياف، وذلك كونه ضحية لعدد من الانتهاكات الجسيمة وشاهد على عدد من القضايا الحساسة التي لم يكشف عنها من قبل، بسبب تعهدات ألتزم بها العياف ودفعته للصمت وإيقاف نشاطه.
ففي يوم الثلاثاء الماضي 31 يونيو 2018، داهمت قوات أمن الدولة منزل العياف واقتادته إلى مكان مجهول دون إبراز أمر قبض أو توجيه تهمة.
ونشط العياف في الدفاع عن ملفات حقوقية أبرزها الدفاع عن معتقلي الرأي والمعتقلون الذين لم يحاكموا أو الذين أمضوا مدة الحكم ولا زالوا في السجون، وأبرز ياسر العياف قضية والده عبدالله العياف الذي أمضى في السجون السعودية ما يزيد عن عشرة أعوام وتجاوز مدة حبسه قبل أن يفرج عنه لاحقا.
ساهم ياسر العياف في عدد من الحتجاجات والاعتصامات والمسيرات السلمية التي أنطلقت في الأعوام 2011 – 2013 وتركزت في القصيم والمنطقة الشرقية وأبها وجدة والرياض ومدن أخرى. وفي 26 فبراير 2013 ألقت السلطات السعودية القبض على ياسر العياف وعدد آخر من النشطاء الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية، وتعرض العياف حينها إلى أنواع متعددة من الانتهاكات والضرب والتعذيب، فقد عمد العسكر إلى تثبيته مكان اعتقاله وضربه بالهراوات حتى كسرت ذراعه.
وفي السجن تعرض العياف للسحل والجر بعربة داخلية داخل ممرات السجن، وبسبب أن يده مكسورة ومجبرة فقد تم جره بالكلبشات من قدمه، وفي أحد المنعطفات التفت العربة سريعا ليلتلف معها جسد العياف مما سبب له كسر في قدمه يضاف إلى الكسر في ذراعه، كما تم جمعه بعشرات من الشبان المعتقلين إثر الاحتجاجات وتم جلدهم جماعيا بوحشية.
عرض بعدها العياف على القضاء مع 18 آخرين، وسألهم القاضي عن سبب نزولهم للشارع، فأجاب أحد الشبان أنهم نزلوا للشارع غيرة على النساء المعتصمات المطالبات بالإفراج عن ذويهن المعتقلين واللاتي تعرضن للضرب والاعتداء من قبل قوات الأمن أثناء الاعتصام، فرد القاضي بأنه كان عليهم "النفير إلى سوريا للدفاع عن نسائها" إذا كان دافعهم الغيرة، رفض ياسر العياف حينها منطق القاضي، وأصر أن هذا دفع لأماكن الصراع وللعنف لن يقبله، وأنه لن يتخلى عن سلميته ومطالبته بالطرق المشروعة والمدنية.
والجدير ذكره أن عددا من المعتقلين يومها توجهوا إلى أماكن الصراع أو انتهجوا العنف كما نصحهم القضاء السعودي وكما تدفعهم إليه السلطات.
توجه العياف إلى وزير الداخلية وتوجه له بالشكوى وأخبره بما واجهه من تعذيب ومن دفع نحو العنف ومن تحريض واضح من القضاء السعودي، ليتفاجئ العياف بأن وزير الداخلية يهدده في حال تم نشر أيا مما حدث له، ويعده فقط بأن يدرس الإفراج عن والده عبدالله العياف المنتهي حكمه حينها دون أن يأمر صراحة بالإفراج عنه، وإضافة إلى ذلك فقد تمت ترقية القاضي وترقية من مارسوا التعذيب.
لقد ظل ملف ياسر العياف مغلقا لسنوات، وصمت العياف وهو يرى من كانوا يشاركونه العمل المدني السلمي وهم يتجهون للعنف، ولم يتحدث عن ظروف اعتقاله وتعذيبه، كل ذلك إمتثالا لما أمضى عليه من تعهدات، بل إن من رافقوا العياف في السجن ورأوا كل ما حل به من تعذيب وانتهاكات، ومن رافقوه في زيارته لوزير الداخلية السابق، حرصوا جميعا على عدم الحديث عما حدث نزولا عند رغبة ياسر العياف، وخوفا عليه من بطش السلطات في حال فتح ذلك الملف
.
إن السلطات السعودية باعتقالها ياسر العياف، والذي تلى إعتقال الناشطات سمر بدوي ونسيمة السادة وأمل الحربي، وقبله حملات اعتقال طالت نشطاء وإصلاحيين، إن ذلك يوضح بشكل قاطع أن جهاز أمن الدولة يعتقل كل من لديهم ملفات وقضايا سابقة مع جهاز المباحث، وكل من كانوا تحت المتابعة، بمن فيهم من أمضوا حكما بالسجن كالناشط البارز محمد البجادي، ومن وقعوا تعهدات وتوقفوا كالدكتورة عزيزة اليوسف والدكتور إبراهيم المديميغ. كما أن السلطات أثبتت أن الصمت على انتهاكاتها وتجاوزاتها يوفر لها بيئة مناسبة لمزيد من الانتهاك، وأنه لابد من كشف الانتهاكات والتجاوزات والضغط على السلطات السعودية للحد من هذه الانتهاكات. وتدعوا القسط للضغط على السلطات السعودية للتوقف عن هذه الحملات القمعية، والإفراج الفوري وغير المشروط عن ضحايا هذه الحملات من معتقلي الرأي الذين تعتقلهم السلطات بسبب آرائهم أو نشاطهم السلمي والمشروع، وتدعوا القسط إلى التحرك العاجل لحماية ياسر العياف، وتعويضه عما لحق به من أذى هو وكل ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي.