تاريخ النشر: 13/11/2017

قامت القسط بتحليل مواد الإصدار الجديد من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله الصادر في 12-2-1439 الموافق الأول من نوفمبر 2017، ومقارنته مع النظام السابق، وخلصت القسط إلى أنه يحمل نفس العيوب السابقة، وجاء استمراراً لنهج النظام السابق الصادر في 24-2-1435 الموافق27 ديسمبر 2013 والمكون من 41 مادة.

مع إضافة فصل خاص بالعقوبات يحتوي على 27 مادة للنظام الجديد المكون إجمالاً من 96 مادة.

احتوى النظام على مواد تفرض قيوداً على الحريات الأساسية، وتمت صياغة مواده بعبارات عامة وفضفاضة وغير محددة بصورة دقيقة، مما يفقدها الصفة القانونية التي تستلزم أن تكون المواد دقيقةً ومحددةً ولا تمس حقوق الإنسان.

إلا أن مواد النظام مقيدةٌ لحرية التعبير عن الرأي، وتجرم أفعالاً لا ترتبط بالإرهاب، وتعطي الفرصة لجهاز أمن الدولة والنيابة العامة لإساءة استعمال هذا النظام وتمكنهم من استغلاله وتطبيقه على أعمال لا تتسم بالعنف والخطورة، وهو ما يطلق يدها في استهداف النشطاء وتقييد المعارضين السلميين والإصلاحيين، وكل صاحب رأي مختلف عن رأي السلطات، وهذا ما حصل فعلاً منذ صدور نظام مكافحة الإرهاب، ابتداءً بمحاكمة المدافع عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير وإلى الحكم على المدافع عن حقوق الانسان عبدالعزيز الشبيلي.

وكان الواجب ألا يتوسع في صلاحيات رئاسة أمن الدولة على حساب الرقابة القضائية، وأن يتم احترام الإجراءات القانونية، وعدم تجاوز شروط ومعايير المحاكمات العادلة، وحفظ حقوق المشتبه بهم في إجراءات القبض والتفتيش ومكان الاحتجاز وعدم تعريضهم لسوء المعاملة والتعذيب وضمان حقهم بالاستعانة بمحامٍ ومواجهة الشهود وسرعة عرضهم على القضاء. وقد جاء تعريف الجريمة الإرهابية في الفصل الأول من النظام واسعاً وغامضاً مما يسهل تكييف أي عملٍ سلميٍ على أنه جريمة إرهابية، وفي التعريف إخفاق قانوني غير مبرر باستخدام مصطلحات لها أكثر من دلالة كـ " الإخلال بالنظام العام " و " زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة " و "تعريض وحدتها الوطنية للخطر" و "تعطيل النظام الأساسي للحكم".

ولم يشترط ارتباط تلك التصرفات بأي عمل عنفيٍ مما قد يشمل بوضوح الأعمال السلمية. وحُذف من التعريف فقرة "الإساءة إلى سمعة الدولة ومكانتها" والتي كانت موجودة في النظام السابق، وهذه إحدى التعديلات الإيجابية، إلا أن النظام وللأسف عاد في أول مادة في الفصل الخاص بالعقوبات، وهي المادة 30 ليصنف "وصف الملك وولي العهد بأي وصفٍ يطعن في الدين والعدالة" كجريمة إرهابية.

كما نصت المادة الثالثة أيضاً على تجريم جملةٍ من الأعمال التي قد لا تكون عنفية بالضرورة، كـ "تغيير نظام الحكم وتعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض أحكامه أو حمل الدولة على القيام بعمل او الامتناع عنه ..." حيث لا يمكن اعتبارها أعمالاً إرهابية لعدم اتسامها بالعنف، ولم يشترط النظام أن "يقوم المتهم باستخدام وسائل مادية مميتة أو خطيرة، أو اتخاذ رهائن" وهي الأفعال التي قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب أنها الأركان المركزية لأي عمل إرهابي.

كما تثير المادة العاشرة القلق على حرية التنقل وضمان إجراءات العدالة حيث أنها تمنح رئاسة أمن الدولة سلطة المنع من السفر مع عدم إبلاغ الممنوع بما اتخذ بحقه من إجراء. وأعطت المادة الخامسة عشرة رجال الضبط الجنائي أو العسكريين تصريحاً باستعمال القوة وفق ضوابط يحددها النظام إلا أنها لم تذكر هذه الضوابط.

أما المادة التاسعة عشرة فقد جعلت مدة التوقيف بدون سقف أعلى، لتمتد مدة التوقيف إلى اثني عشر شهراً بسلطة النيابة العامة، وللنيابة الرفع للمحكمة المختصة للتمديد دون تحديد المدة الأعلى، وذلك في تجاوزٍ صريحٍ لمعايير المحاكمة العادلة التي تشترط سرعة مثول المتهم أمام القضاء.

ويسمح النظام باحتجاز المشتبه بهم لمدة طويلة في الحبس الانفرادي مما يشكل غطاءً لعمليات التعذيب وسوء المعاملة وهو ما يتعارض مع الالتزامات القانونية للمملكة ومنها على وجه الخصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والتي انضمت لها المملكة عام 1997.

كما تحرم المادة عشرون المعتقل من الاستعانة بمحامٍ أو وكيل في انتهاك صارخ لا يمكن تبريره بأي مبرر، وهذا الإجراء يؤدي بالضرورة إلى حرمان المعتقل من أي وسيلة للطعن في شرعية احتجازه.

واشتملت المادة السابعة والعشرون على انتهاكٍ لحق المتهم في مواجهة الشهود ومناقشة الخبراء، فبالإضافة إلى كون ذلك حقاً ثابتاً للمتهم فهو أيضاً يتعارض مع ما ذهب إليه المجلس الأعلى للقضاء في خطابه رقم 1361 تاريخ 29-1-1439 المتضمن :

"إن من حق المشهود عليه معرفة الشاهد حتى يتبين ما يخل بعدالته إن وجد، كما هو مقرر شرعاً..." كما يعاقب النظام بالقتل في جرائم ما دون القتل، ففي المادتين (40-41) للمحكمة أن تحكم في القتل لـ"كل من خطف شخصاً أو احتجزه أو هدد بذلك، تنفيذاً لجريمة إرهابية" وكذلك "كل من اختطف وسيلة من وسائل النقل العام أو هدد بذلك تنفيذاً لجريمة إرهابية"، متى ما اقترن أي من تلك الأفعال باستعمال أو إشهار أي من الأسلحة أو المتفجرات.

كما لم ينص النظام على منع التعذيب بصورة واضحة وصريحة. وبهذا فإن القسط تؤكد أن هذا النظام معيبٌ ولا يصح أن يكون وثيقةً قانونية، لما احتواه من غموض وعدم تحديد في عددٍ من مواده، ولنقص معيبٍ في عدد آخر من مواده كالمادة الخامسة عشرة التي لم تحدد ضوابط استخدام القوة أثناء القبض، وكذلك كون النظام يسمح للسلطات باستخدامه لقمع الحريات ومنع الناس من التعبير عن آرائهم، وهذا ما حدث بالفعل مع نسخته السابقة التي حوكم بموجبها نشطاء حقوق إنسان، إضافةً إلى أن النظام أدخل في تعريف الإرهاب أعمالا ًمدنية سلمية، كمحاولة ثني السلطات عن اتخاذ قرار، أو انتقاد الملك وولي عهده، والأكثر من ذلك أن النظام يعرف الإرهاب بأعمال غير عنفية، ويجيز القتل في جرائم لم تصل للقتل. القسط تدعو السلطات إلى احترام الحقوق والحريات، وتؤكد على ماقاله المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بـ "أن تعريف الإرهاب لا يمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان" و "أن على السلطات السعودية ألا تستخدم الحرب على الإرهاب لقمع حرية التعبير عن الرأي".

مشاركة المقال
الحكم بالسجن 23 عامًا على الكاريكاتير محمد الغامدي بسبب رسومه الكاريكاتورية وتغريدات لا وجود لها
في خطوة تعكس الاستمرار في قمع السلطات السعوديّة لحريّة التعبير، حكمت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة على رسام الكاريكاتير محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي بالسجن لمدة 23 عامًا بسبب رسومه الكاريكاتورية.
يجب على السلطات السعوديّة وضع حدّ لإساءة استخدام التدابير الإداريّة والقضائيّة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان المُفرج عنهم بمن فيهم لجين الهذلول
نحن، المنظّمات الموقّعة أدناه، ندعو السلطات السعوديّة إلى التوقف فورًا عن إساءة استخدام التدابير الإداريّة والقضائيّة ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان الذين أُفرج عنهم من السجن.
أكثر من 200 عملية إعدام في تسعة أشهر: المنظمات غير الحكومية تدين الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام في السعودية
نحن، المنظمات الموقعة أدناه، نعبر عن قلقنا العميق إزاء تزايد عمليات الإعدام في السعودية. وفقًا لمعلومات من وكالة الأنباء السعودية، نفذت السلطات إعدام ما لا يقل عن 200 شخص خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.